"نورما هاشم".. ثائرة ماليزية تقاوم لحرية الفلسطينيين
لم يمنعها البعد الجغرافي الكبير بين بلدها وقطاع غزة، من التحرك من أجل إنقاذ الإنسانية المهدورة هنا على يد (إسرائيل)، فعلى الرغم من اختلاف اللغة والطبائع والبيئة والنشأة، إلا أن ثمة روابط قوية جمعتها بالفلسطينيين أبرزها الدين والإنسانية، دفعتها للصراخ أمام العالم "FREE PALESTINE" ولتغيير مسار حياتها لتجعلها نصرة للقضية الفلسطينية.
"نورما هاشم" ابنه قاضي قضاة ماليزيا الأسبق "هاشم يوب ساني"، لا يزال قلبها ينبض حباً بالفلسطينيين رغم اشتداد الحصار الإسرائيلي وسياسة الإغلاق المفروضة على قطاع غزة التي تمنعها من زيارة الغزيين واللقاء بهم، وهي لا تزال تؤمن بأن الحرية لا بد وأن تصل يوماً ما إلى الشاطئ لتلامس أجسادنا التي لا تزال تنزف دماً من أجل تحقيق هذا الحلم.. وحتى تحقيق ذلك هي لا تزال تواصل تضامنها وتعاطفها وعملها الدؤوب من أجل نصرة قضيتنا الفلسطينية العادلة.
وتقول نورما وهي أم لخمسة أطفال لـ"فلسطين": "عندما عرفت أكثر عن الاحتلال الإسرائيلي، وكيف عانى الفلسطينيون لأكثر من 60 عاماً وما زالوا يعانون، شعرت بأنه يجب عليّ فعل شيء يتعدى إعادة بناء ما دمرته إسرائيل ومساعدة الفقراء. أردت أن ألعب دوراً في إنهاء الاحتلال".
تعاطف ودعم
ومن أجل ذلك، انضمت نورما لمنظمة "فيفا بالستينا" في ماليزيا بعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008-2009 وهي تشغل منصب أمينة صندوق المنظمة، حيث بدأت برفقه الآخرين من المتعاطفين والمتضامنين الماليزيين مع الشعب الفلسطيني بجمع الأموال لمساعدة الناس في غزة، حيث قدمت نحو 3.5 ملايين دولار، لدعم المشاريع في غزة والضفة.
وساهمت نورما خلال عملها في منظمتها الإغاثية بدعم وتمويل المشاريع الصغيرة، كما قدمت منحاً جامعية للطلاب المحتاجين، فيما نظمت مشاريع عدة لتقديم المواد الغذائية خلال شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك، كما تعمل المنظمة مع المنظمات غير الحكومية التركية لتشغيل مركز إعادة التأهيل البدني للمعوقين في خان يونس.
لدى منظمة "فيفا فلسطين" ما يقارب من 400 ألف متابع عبر صفحتها على "فيسبوك"، حيث يتم نشر آخر الأنشطة التي تقوم بها المنظمة بشكل مستمر. تقول نورما إن منظمتها حالياً في طور إطلاق حركة مقاطعة (إسرائيل) في ماليزيا، وهي تعمل كعضو في هذه الحركة، مشيرةً إلى أن العمل في هذا المسار أمر مهم جداً، لأنه يجمع النشطاء من كل مكان لتحقيق هدف واحد تحت مظلة حركة مقاطعة (إسرائيل).
وتتحدث نورما عن مشاعرها حيال ما شاهدته من عدوان إسرائيلي على غزة في الحرب الأخيرة، وتقول: "كانت وحشية الاحتلال ضد سكان غزة صادمة، حيث قتل الكثير من الأبرياء ودمرت العديد من المباني".
تنمية فكرية وأدبية
كما أسست نورما مكتبةً متخصصة باللغة الإنجليزية وأطلقت عليها اسم والدها تخليداً لذكراه، في مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة، الذي ينظم ورشات عمل لتعليم الطلبة كيفية الكتابة عن خبراتهم عن الحياة في غزة في ظل الحصار والاحتلال.
لم يكن تعاطف نورما ينعكس فقط على الجوانب الإغاثية التنموية لصالح الفلسطينيين فقط، بل كانت تملك حساً وطنياً كالذي يملكه الفلسطيني الغيور على وطنه، وكان لها تجربة في معايشة حياة الأسرى الفلسطينيين، من خلال إنتاجها لكتابها "يوميات الأسرى" في أبريل 2015، الذي يعرض يوميات الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة شاليط عام 2011.
وقالت في هذه التجربة: "من خلال عملي في المكتبة، أرسل لي الأستاذ ياسر البنا، مدير المركز حينها، مقابلات أجريت مع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة شاليط 2011 من أجل عرضها في كتاب ونشره بعدة لغات، وصدقاً، لم أفكر في القيام بشيء لأنه ليس لدي أي خبرة في هذا المجال، ولكن عندما قرأت المقابلات مع الأسرى المحررين، صدمت بسبب معاناتهم في النضال من أجل تحرير أرضهم، وأدركت حينها أنه لن يعرف أحد عنهم أي شيء إن لم أنشر قصصهم".
وأضافت: "لذا قررت أن أنشر كتاباً عنهم، حيث تمت طباعة الكتاب وترجمته إلى ست لغات وهي (العربية – الإنجليزية – الفرنسية – التركية – المالاوية – الإندونيسية)"، مشيرةً إلى أن أغلب من عملوا على نشر الكتاب بلغاته المختلفة لم يحصلوا على عوائد مالية، وذلك يدل على مستوى الدعم الذي يحظى به الأسرى في جميع أنحاء العالم.
إلى جانب كافة هذه الأنشطة، تعمل نورما أيضاً كنائب لرئيس الاتحاد الدولي للقرآن بلغة بريل، حيث افتتحت مؤسسة لرعاية القرآن والكتب الإسلامية الأخرى للمكفوفين، إلى جانب أعمال أخرى مثل دعم قضية اللاجئين القادمين إلى ماليزيا بسبب الأوضاع في بلادهم.
التواصل مع العالم
وترى نورما أن ما يحتاجه الفلسطينيون هو الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق السفر إلى الخارج أو الدراسة في الجامعات، والتواصل مع الآخرين باللغة الإنجليزية وبناء صداقات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت في ذلك: "الدعم الكبير الذي يتلقاه الفلسطينيون من شعوب العالم كان بسبب ما يكتبونه وما يعرضونه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصلوا إلى كل مكان، حيث لا يستطيع الصهاينة فلترة مواقع التواصل الاجتماعي مثل ما قاموا به في الصحف والتلفزيون".
بالنسبة لنورما فترى أن زوال الاحتلال الإسرائيلي سيحدث عندما يدرك العالم ما يحدث في فلسطين، فهناك الكثير في البلدان الغربية غير مدركين لما يجري في فلسطين، لأن اللوبي الصهيوني يتحكم بالإعلام الغربي منذ نحو 100 سنة.
وتابعت: "الناس تستمع فقط لما يقوله الاحتلال. على الرغم من أن فلسطين أنجبت كُتاباً جدد، إلا أن كمية المقالات والكتب المكتوبة بالإنجليزية عن فلسطين غير كافية، وبالتالي فإن الحل هو تعليم نسبة أكبر من الفلسطينيين الكتابة باللغة الانجليزية".
نورما تؤمن أن الضعف الداخلي بين الأشقاء في البلد الواحد، يبدد تحقيق حلمهم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، داعيةً الفلسطينيين إلى نشر الحب والوحدة بينهم، عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)- كما تقول.
واختتمت حديثها بالقول: "أحب الحرية.. وأريد أن يحصل عليها الفلسطينيون، وكذلك أحب قراءة القرآن وأريد أن يتمكن المكفوفون من قراءته مثلي، ومن حق الجميع العيش في مكان آمن مثلما أعيش".
المصدر: فلسطين أون لاين
