يوم فلسطينيّ في معرض بيروت الدولي للكتاب الـ 59
هبة الجنداوي- بيروت
لم يكن اليوم السادس لمعرض بيروت الدولي للكتاب الـ 59 عادياً للروّاد الفلسطينيين والمهتمّين بالقضية، إذ كان حافلاً بالندوات التي ناقشت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، والتي وثقت مراحلاً من الوجع الفلسطيني.
كانت البداية بندوة توقيع كتاب "60 مليون زهرة"، للروائي والسياسي والفنان التشكيلي الفلسطيني مروان عبد العال، التي نظمتها دار الفارابي بمشاركة الدكتور طارق عبود، الإعلامي اسكندر حبش، المفتش التربوي سليمان زين الدين، الشاعرة إيلدا مزرعاني وبحضور حشد من المهتمين والمثقفين.
تسجل الرواية يوميات مدينة غزة على أوراق من موسم العزلة، والموت، والقهر، في فنتازيا روائية تمزج الأنا المتعددة في لغة الأسطورة والحقيقة، بين الإثارة والغموض في تألق الخيال، وقساوة الواقع، وبين الحاضر، والماضي... روايةً بحث الكاتب فيها عن نفسه ووطنه.. وفي حديث شبكة العودة الإخبارية مع مروان عبد العال، قال الرّاوي إلى أنّه من خلال الرواية «كنت أبحث عن نفسي، عن هويتي وشخصيتي ووطني. أعتقد أنّ عملية البحث عن الذات هذه هي مسألة جماعية لكلّ اللاجئين يجب أن تبقى مستمرّة حتى العودة».
وفي سؤالنا له عن مدى كون بيئة المخيم مؤهِّلاً للكتابة، أشار الرّاوي إلى أنّ «المخيم ما زال هو مقلع الحكايات لأنّ ذاكرته لا تزال حيّة، تستطيع أن تخترع الشخصيات، أن تكوّن الكثير من الحكايات». ويضيف عبد العال «والمخيم حالة رمزية تعني الحصار نفسه ذلك الذي تعيشه غزة وتعيشه القدس بسبب الجدار الفاصل.. فالحنين والفراق والألم كلّها تجعلك كأنك تعيش داخل مخيم».
ولما كان الأدب دائماً وسيلةً لنقل الصورة، والكاتب بمثابة الجنديّ الذي يقف على الجبهة ينقل حياة شعبٍ ومآسيه وإبداعاته وضعفه أحياناً وصموده أحياناً كثيرة.. يؤكّد عبد العال في هذا الشّأن أنّ الكاتب سواء كان إبن المخيم أو غيره يستطيع توضيح الرؤى ليساهم في التغيير، لكن التغيير هو واجب الجميع لتحقيق النهضة.
وفي جناح الفارابي في قاعة المعرض، تحّول حفل توقيع الرواية إلى تظاهرة فلسطينية، ضمّت شخصيات رسمية وسياسية وثقافية وشبابية وأهالي من أبناء المخيمات الفلسطينية.
وخلال هذه الأجواء الحماسية أجاب عبد العال في سؤالنا له عن أكثر الروايات التي كتبها قرباً إلى نفسه، «من أكثر الروايات التي نقلت حالة الوجع الذي عشته كتجربة شخصية هي رواية "حاسة هاربة"، فقد سجلت وقائع الرواية بصفحاتها الـ 206 التجربة المريرة التي شهدتها أثناء أحداث مخيم نهر البارد عام 2007».
وفي دار المركز العربي في جناح آخر من المعرض، نظم المركز ندوة "اللاجئين الفلسطينيين في المشرق العربي" لأستاذ الاجتماع ساري حنفي، شارك فيها الباحث فؤاد فؤاد، والباحثة الدكتورة هدى حوا، والكاتب جابر سليمان بحضور حشد من المهتمين والمثقفين.
واعتبرت الباحثة حوّا أنّ ظروف اللجوء الفلسطينيّ باتت أصعب بكثير من ذي قبل، فهو أصبح لجوءً متعدداً ومتكرراً، في أوضاع تزداد صعوبة في العراق وسوريا ولبنان وغيره من الدول العربية.
وأشار الأستاذ المشارك في علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي إلى أنّه «وفي أطول قضية لاجئين في التاريخ الحديث، يجد اللاجئون أنفسهم عالقين بين المنفى والاغتراب بصفتهم «غير مواطنين» في الدول المضيفة. وظلت فكرة العودة، طوال العقود التي أعقبت النكبة، قوة محركة للنضال الفلسطيني المعاصر».