الطلاب الفلسطينيون في الأردن، أحلامٌ تصطدم بالواقع
فرح أبو نجا- عمّان
لا يزال اللاجئ الفلسطيني يدفع ثمن التهجير وإصراره على الحياة منذ 67 عاماً، يسقط في حفرة تلو الأخرى وتتخبطه أمواج الحياة يميناً وشمالاً وهو صامدٌ يأبى إلا أن يبقى كذلك، يحبّ الحياة ما استطاع إليها سبيلاً..
آلاف الطلاب الفلسطينيين من أبناء غزة في الأردن يعانون من مشاكل التعليم والدخول إلى الجامعات، إذ أنّهم لا يحملون الرقم الوطني أو الجنسية الأردنية. ففي التعليم الجامعي يُعامل هؤلاء الطلاب معاملة الطالب الأجنبي ويحاسبون بالدولار بدلاً من الدّينار الأردني. ويمنع أبناء غزة الناجحون بالتوجيهي من التقدم للجامعات عن طريق القبول الموحّد كغيرهم من الطلّاب لأنهم لا يحملون الرقم الوطني.
هذه المشكلة تؤرق آلاف الطلاب الفلسطينيين من أبناء غزة والتي تضاف إلى المشاكل الماديّة وعدم مقدرتهم على تأمين أقساط للجامعات الخاصة.
تقول الطالبة مريم محمود زادة، من أبناء مخيم غزة، تخرّجتُ حديثاً من الثانوية العامة بمعدل 75%. أخبرتنا مريم عن مسيرتها في البحث عن جامعة مناسبة لها أو إن صح التعبير جامعة حكومية تستقبلها كونها «غزاوية» لا تحمل «رقماً وطنياً».
لم تترك مريم باباً أو منفذاً إلّا وطرقته، إذ قدّمت للجامعة الأردنية في العاصمة عمّان لكن لم يتم قبولها لكونها فلسطينية غزاوية. فتوجهت للجامعة الهاشمية في الزرقاء فكان سعر الساعة لتخصص الصيدلة «200 دينار أردني» كنظام أجنبي. حوّلت مريم بوصلتها نحو جامعة الإسراء الخاصة، فوجدت أنّ سعر الساعة لتخصص الصيدلة «120 ديناراً أردنياً» وهذه أثمان باهظة بالنسبة لمريم وعائلتها، فهي طالبة يتيمة ولديها أخ يكبرها ببضعة أعوام قد شارف على التخرج الجامعيّ.
وبعد عدّة محاولات وصولات وجولات قرّرت مريم أن تسجّل في جامعة الزرقاء الخاصة في تخصص الصيدلة بمبلغ 80 دينارأ أردنياً على الساعة الواحدة، وهي لا تزال تقرع أبواب المؤسسات للحصول على مكرمة المخيمات أو السفارة الفلسطينية لتتمكن من الدفع وتحقيق حلمها في الصيدلة.
أمّا الطالب الفلسطيني عبدالله أبو ليل الذي يقطن في العاصمة عمّان فقد كان حلمه منذ الصغر أن يدرس الطب. ومع تخرّجه من الثانوية العامة وتفوّقه بمعدّل 93.8% كان حلمه يقترب كثيراً من أن يكون حقيقة.
لكن ذلك الحلم اصطدم بالوضع الماديّ لعائلة عبد الله الذي لا يسمح له بدراسة الطبّ حيث أنّ الأقساط مرتفعة جداً في الجامعات الخاصّة.
يقول عبدالله «بعد فترة من تخرّجي من الثانوية العامة سمعت بخبر أصدرته الجامعة الأردنية بمساواة الطالب الفلسطيني بالطالب الأردني فيما يتعلق بالدراسة على النظام الموازي، علماً أنّ فلسطيني الجنسية لم يكن يحلم دخول الجامعة الأردنية لا بنظامها الموازي ولا العادي الذي يعتبر أقل كلفة من الأخير».
يضيف عبد الله «توجهت على الفور إلى الجامعة وقدّمت طلب طب بشري وطب أسنان للنظام الموازي، وبعد بضعة أيام أرسلت لي الجامعة الأردنية تخبرني أنه تم قبولي في النظام الموازي الأردني فرحت كثيراً بالخبر لكن الفرحة لم تكتمل ..فسعر الساعة الواحدة في هذا النظام 500$، هذا يعني أنني سأدفع للفصل الواحد ما يقارب 11 ألف دولار، عدا عن مصاريف السكن والعيش وغيرها !!ووالدي يعمل فني سيارات، ولا يستطيع تأمين ربع هذا المبلغ لدراستي».
حاول عبد الله اللجوء لعدة مؤسسات لتمدّ له يد العون، واتّصل بعدة جهات رسمية تساعد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وها هو اليوم ينتظر الفرج... «لن أتخلى عن حلمي أبداً في أن أكون طبيباً محسناً للآخرين بكل ما آتاني الله من قوة» يقول عبد الله.
ربما يحالف مريم وعبد الله الحظ في دخول الجامعة والحصول على منح دراسية، لكن هناك حالات أخرى لا تزال تعاني من تلك العوائق التي تتمثل بعدم الحصول على الرقم الوطني، وضعف الوضع الماديّ.. طلاب لم تقرّ أعينهم وأعين آبائهم في الدخول للجامعة كما كانوا يحلمون يوماً.