ذكريات "النكسة".. البلاد ضاعت بـ"مؤامرة"
تمر اليوم الخامس من حزيران ذكرى النكسة التي هزمت فيها جيوش الدول العربية في حرب خاطفة أمام جيش الاحتلال وضاعت فيها ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء وأجزاء من الأردن ولبنان.
ويؤكد الحاج صالح ياسين ممن عايشوا النكسة في جنين "أن إطلاق مصطلح حرب على ما جرى عام 1967 اصطلاح خاطئ لأن ما جرى لم يكن حربا بل تسليما للبلاد دون حرب.
ويضيف: لم نشهد مواجهة تذكر، بل مجموعات فردية متخبطة والوقت الذي استغرقته قوات الاحتلال في إنهاء الحرب واحتلال ستة أضعاف مساحتها هو الوقت الزمني الذي احتاجته مركباتها ودباباتها للوصول لتلك المناطق.
وأشار إلى أن الناس كانت منهكة في ذلك الوقت، ولم تكن مسلحة، ومن كان يضبط معه سلاح قبل النكسة كان يحول لمحاكم عسكرية، وكان الحاكم العسكري الأردني هو الآمر الناهي في كل شيء.
كما أشار إلى أن الفقر كان منتشرا بين الناس، فيما أشبعنا كلاما من الأنظمة العربية بأن ما سيجري هو إعادة فلسطين 48 فاكتشفنا أن ما جرى هو تسليم كامل أراضي فلسطين.
التنقل بين الضفتين
ويروي المواطن محمد التاج من طوباس ما جرى في أحداث النكسة حين طفلا قائلا: "استيقظنا في ذلك اليوم من نومنا، أردنا أن نذهب إلى الحارة كي نلعب، فمنعتني أمي أنا وأخوتي الثلاثة الخروج".
ويستذكر كيف أن والدته أصرت على الإمساك بإخوته. كانت تقول لهم، لا تتركوني، ولن أترككم، إما نموت معاً، أو نظل معًا.
"نمنا ليلة بالمغارة، وجاء جدي، وأصر على رحيلنا إلى الأردن، كان يجر حصاناً حمراء وبيضاء، وتناوبنا على ركوبه، أما والدتي فرفضت الصعود على ظهره، وظلت تمشي، وحين وصلنا إلى نهر الأردن، أصرت على أن تقطعه بمفردها، أما نحن فنقلنا جدي على ظهر الحصان على دفعتين، ووصلنا الضفة الأخرى، وشاهدنا الكثير من الناس، أما الأطفال فكانوا أكثر رعباً". يقول الحاج تاج.
وعاد الحاج تاج وعائلته بعد انتهاء الحرب عبر نهر الأردن مثل كثيرين؛ يقول: "عدنا خلسة إلى قرانا مستغلين الفوضى التي سادت في تلك الفترة".
لا شيء من مقومات النصر
ويشير الحاج من تركمان والذي عايش النكسة إلى أن لا شيء من مقومات النصر تم الأخذ به في حرب حزيران؛ فقبل النكسة بأيام وزع الجيش الأردني رشاشات على الشبان بدون تدريب يذكر سوى بعض التدريبات البسيطة ودون خطط عسكرية وكأنهم يقولون لنا واجهوا مصيركم بأنفسكم.
وأضاف: لا هم دربوا ولا سلحوا الشعب الفلسطيني ولا هم سمحوا له بتسليح نفسه، ولا هم دافعوا عنه في الحرب، حيث كانت الظروف مهيأة تماما لهزيمة نكراء.
وأكد أن ما جرى كان مؤامرة كبيرة، ولكنه أسدل الستار عن كل الخطابات الثورية العربية وعرى الأنظمة بشكل كبير ولم تعد الناس بعد ذلك تصدق الزعماء العرب بعد أن تبين لها أن كل وعودهم وخطاباتهم التي كانوا ينتظرون بلهفة سماعها عبر المذياع سيما خطابات جمال عبد الناصر لم تكن سوى للاستهلاك.