عائلة "ملحم"... قصة نجاحٍ فلسطينية عراقية في سانتياغو
هبة الجنداوي- سانتياغو
شبكة العودة
لم تكن الفلسطينة فردوس ملحم قد سمعت من قبل عن بلدٍ اسمه تشيلي، أمّا الآن فهي تقيم فيه بعد أن تمّ تهجيرها وعائلتها من العراق نتيجة معارك "التطهير العرقي" على أيدي ميليشياتٍ عسكرية تعاظم نشاطها في فترة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق.
بعد تسع سنوات من لجوئها وعائلتها إلى العراق إستطاعت عائلة ملحم أن تنجح في تطوير عملها وافتتاح معملٍ لبيع الحلوى والمنتجات الغذائية العربية في إحدى غرف منزلها بسانتياغو أقصى جنوبي الكرة الأرضية حتى تتمكن من تحصيل مصاريف المعيشة المرتفعة نوعاً ما في تشيلي.
في شارع ريو دجينيرو وسط منطقة "بتروناتو" في سنتياغو تقيم عائلة ملحم، تلك المنطقة التي تضمّ جالية عربية وفلسطينية كبيرة مما يخفّف عن العائلة صعوبة الوضع في المدينة الأمر الذي قد يُشعرها بالأمان والألفة في بلدٍ قُدّر لها أن تُهجّر إليه رغماً عنها..
تقول أم محمد ملحم في حديثٍ مع شبكة العودة الإخبارية "قبل ثماني سنوات جئنا إلى سنتياغو مع نحو ٣٠ عائلة أخرى استقرّينا هناك بعد أن وافقت الحكومة التشيلية على استقبالنا بطلبٍ من مفوضية الأمم المتحدة للاجئين"UNHCR" لحجم الألم الذي واجهناه هناك في ظلّ الحرب والنزاعات الطائفية، إلأ أنّه وبعد أن وافقت كندا والسويد على استقبال بعض العائلات بتنا ٥ عائلات فقط تقيم في تشيلي من أصل ٣٠ عائلة".
وتضيف فردوس، "بعد وصولنا إلى تشيلي قادمين من مخيم التنف باعدت المسافات بين الأخوة وأبناء العمومة، فتشتت شمل العائلات وانقطع تواصلها عن بعضها بعضاً، وأثّر ذلك في هويتها مبلغ الأثر.
إثباتٌ للوجود..
ولم يمض كثيرٌ من الوقت، حتى انسحبت المفوضية من التزاماتها برعاية هؤلاء وتعليمهم لغة البلد المضيف وتأهيلهم لسوق العمل وتمكينهم من مواصلة تحصيلهم العلمي، فتُركت العائلات تواجه مصيرها بنفسها، وهنا استطاعت عائلة ملحم أن تفتتح معملاً لبيع الحلوى في بيتها فتمكّنت وبعد ثماني سنوات من افتتاح المصلحة أن تكون مقصداً للفلسطينيين والعرب ليبتاعوا الحلوى من معملها في مناسباتهم أو مؤتمراتهم واجتماعاتهم، كذلك في البازارات التي تشارك بها الجالية الفلسطينية في سفارات العديد من الدول في تشيلي.
تلك الأحداث والتحديات المتسارعة التي مرّت بها عائلة ملحم دفعتها لتكون أقوى وأشجع في مواجهة مصاعب الحياة والدفاع عن حقوقها.. فمع بداية لجوئهم إلى تشيلي أقرّ البرلمان قانوناً بإعطاء الجنسية لمن هم فوق الثمانية عشر عاماً ما وضع تلك العائلات في موقفٍ صعبٍ خوفاً على أطفالهم من التشتّت.. فخرجت فردوس كناشطة تدافع عن حقوقهم أمام البرلمان مطالبةً بخفض السن القانوني الذي يسمح بالحصول على الجنسية...
باللغة الإسبانية دافعت فردوس عن حقوق اللاجئين وناقشت البرلمانيين مراراً وتكراراً حتى تمّ إقرار قانون بخفض السن الذي يسمح بالحصول على الجنسية إلى أربعة عشر عاماً.
ربما يشعر هؤلاء اللاجئين ببعض الحظ الذي حالفهم وأخطأ أقرانهم الذين ما زالوا في بلاد الرافدين.. فهنا يمتلكون فرصة المراهنة على الغد.. على الأقل!