«الحلقة الخامسة عشر» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمين محمد- خاص العودة
في صباح اليوم التالي إستيقظ عليّ باكرًا رغم أنّه يوم عطلة، وكان في جعبته الكثير من المخطّطات لينجزها أو ليحاول إنجازها، غير أنّ أوّل عقبة وقفت في طريقه هي الإحساس بالجوع، فأمّه وبسبب مراسم العزاء لم تستطع مزاولة عملها في تنظيف البيوت وأباه أيضا انشغل بتلك الترتيبات فنسي الإثنان وعن غير قصد إطعام الطفلين..
كان الجوّ ربيعًا تنتابه بعض الأمطار الخفيفة المتفرّقة بين الحين والآخر، وتظهر الشمس بخجلٍ مداعبةً وجه عليّ الكئيب وهو يحدّق في النافذة غارقًا في عالم سحيق وبعييد..
ها هي ساعات الصباح توشك على الرحيل وعليّ لا يزال يحدّق نحو البعيد ويحلم بأحلام كثيرة، ويتخيّل أمورًا عديدةً محدثًا نفسه بصمت "لو أنّ أبي كان أستاذًا في مدرستي أو في أيّ مدرسةٍ أخرى فإنّه حتمًا سيتقاضى راتبه الشهريّ بانتظام، وسيدخل الفرح على قلوب أولاده وسيشتري لهم كل ما يطلبونه..
ويضيف عليّ "ترى ما هو أوّل طلب سأطلبه من والدي عندها، هل هو الحذاء الجديد أم القميص، أم ألعابًا كثيرةً أم حقيبة غير مرقّعة أم أنواعًا من الجبنه الفاخرة، غير تلك البيضاء المالحة التي أتعبت لساني واصابته بالتقرّحات.. ولعلّي سأعتزل شراء ثلاث بيضات بألف ليرة، تلك التي أخاف أن تنكسر وأنا أحملها من الدكّان، فلا أجرؤ وقتها أن أتناول حصة أمّي وأتركها جائعة أمامي".
فمبلغ العشرة آلاف الذي تتقاضاه يوميًا لا يكفينا ثمنًا لوجبة إفطارٍ طبيعية، بل تقسمه إلى ثلاث وجبات!
والان بعد رحيل جدتي لن أحصل على دعم مالي من فئة القطع المعدنيّة فقد رحلت الغالية ورحلت معها كلّ أحلامي.. سحقًا لهذه الظروف الكئيبة التي تجبرني على قول ما لا أريد والتي ترغمني أن أعيش لجوءًا دائم!
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا
لقراءة الحلقة السابقة: