فنان تشكيلي فلسطينيّ يحمل سفينة العودة وعراقة التاريخ من اليرموك إلى صيدا
هبة الجنداوي- صيدا
خاص العودة
عندما تتجول في المعرض التراثي الثقافي الفلسطيني الذي تنظمه الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية "انتماء" في مدينة صيدا جنوبي لبنان، يطالعك في جناح تجمع عمال فلسطينيي سورية مجسماتٌ متنوعة للفنان التشكيلي الفلسطيني، مصطفى أسعد عيسى (69 عامًا) النازح من سورية إلى مدينة صيدا اللبنانية مع بداية الحرب السورية.
أول ما يلفت نظر المتجوّل في ذلك الجناح مجسماتٌ لعدة سفنٍ عمِل عليها عيسى ليعبّر من خلالها عن حتمية العودة إلى فلسطين بأيّة وسيلة. وفي حديثٍ مع شبكة العودة الإخبارية يقول الفنان التشكيلي"كلّ ما أردتُه من خلال تلك المجسمات التي تمثّل سفن العودة أن أوجّه رسالةً أنّنا عائدون بكافة الوسائل، ولن نتخلى عن تلك الحقيقة أبدًا".
في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، كان مصطفى ينزوي في غرفةٍ يلازمها منذ 15 عامًا، ويطلق لإبداعه العنان في رحابها لينتهي بمجسّماتٍ متنوّعة تعبّر عما في كينونته من عشقٍ للقدس والمسجد الأقصى، ولحضارة وعمارة بلاد الشام التي تجمع فلسطين ولبنان وسورية والأردن في بوتقةٍ تاريخيةٍ واحدة، حيث يبدع بتصميم المنازل الشامية القديمة التي تحمل عبق العراقة والتاريخ الإسلامي.
ومن مخيم اليرموك حمل عيسى إبداعه وموهبته التي عمل عليها طوال الثلاثين عامًا الماضية، إلى لجوئه الثاني هنا في لبنان. ورغم صعوبة الأوضاع المعيشية كغيره من فلسطينيي سورية المهجرين إلى لبنان، إلاّ أنّه لم يتخلّ عن هوايته تلك، ويضيف عيسى لشبكتنا "حتى لو لم تتوفر لقمة خبز واحدة في المنزل، لن أترك الفن التشكيلي، فهو بالنسبة لي أهمّ من الخبز والشراب، فبه أستمدّ قوّتي المعنويّة، وبه أنفّس عن مشاعر اللجوء والغضب والغربة التي أعيشها".
لم يظنّ ذلك الفنان التشكيليّ إبن مخيم اليرموك أنّه سيصل إلى لجوءٍ ثاني يقلّل من فرصه في إنتاج أعمال فنية تشكيلية بسبب عدم توفّر المواد والمعدّات. وكلّ ما يأمله عيسى أن تُسخّر له الفرص في إبداع المزيد من أعماله التي تحمل آلام وآمال وأفراح ومآسي تلك السنون الماضية.