«الحلقة الثامنة» من سلسلة يوميات لاجئ
بقلم الكاتبة ياسمينا- خاص العودة
كان صباح ذلك اليوم مختلفًا عن سابقه، ففي داخل عليّ أشرقت شمس الأمل من جديد وحطت رحالها في عالم الطفولة البريء..
توجه عليّ نحو مدرسته بثقة لم يعهد لها مثيلٌ من قبل وكان أوّل ما فعله أن وقف شامخًا في وجه أحمد وصرخ بقوة أخافت من حوله قائلاً: "سيأتي يوم يا أحمد وأصنع من غرورك طعاما "للعصافير"! لم تكن تلك الجملة التي حركت أنظار التلاميذ نحوه، بل تلك الجرأة التي جعلته يقف في وجه أحمد دون أن يحسب غضب أباه الذي كان يتجنبه حتى معلمو المدرسة!
مرّت ساعات اليوم الدراسيّ وعلي يسأل ويحاور ويستفسر دون خوفٍ أو تردّد، حتى أنّ معلمي المدرسة استشعروا بطاقة عليّ المتأجّجة وزخمها في ذلك اليوم..
قرع جرس المغادرة وخرج التلاميذ تنتابهم حالة من الترقّب والحذر فهم يدركون مسبقًا "أنّ من يحاول التعرض لأحمد يلقى حتفه على باب المدرسة وينال ما لذّ وطاب من الضربات والركلات". غير أنّ عليّ هذه المرة ضرب المقاييس بعرض الحائط، وبلحظةٍ مباغتة سدّد ضربة أحمد بقوة وحُلّت المعركة. وتجرّأ كلّ من في قلبه رغبةً في الانتقام من أحمد وأعماله أن يقف في صف عليّ ويقاوم.
تطايرت حبات التّرمس والفول وحلوى التفاح الحمراء يمنةً ويسرى، وامتلأت أرض المعركة بدوائر الجزر المقشر وقطع الحامض، وكأن كرنفالاً من الطعام أقيم في المكان!
خرج المعلمون ليفضوا عراكًا "لم تشهد له المدرسة مثيلاً من قبل، ومنذ تلك الساعة أدرك أحمد أنّ ذلك العليّ هو التابو المحرّم ولم يجرؤ حتى على محادثة أباه بما حصل...
(يتبع)
#يوميات_لاجئ منكم ولكم.. تابعونا
لقراءة الحلقة السابقة: