نور إرشي.. تشق طريقها في الإعلام على كرسيها المتحرك
قد لا تختلف تفاصيل حكاية الشابة الفلسطينية نور إرشي, عن قصص ممارسي مهنة المتاعب رغم إعاقتهم الحركية أو البصرية، إلا أنها تميزت برغبتها بفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي منذ صغرها، فـ"حكايتها ولدت معها".
خرجت نور إلى صخب الحياة في 24/8/1993م، وقبل ذلك التاريخ بأسابيع معدودة أطلق جنود جيش الاحتلال سيلًا من القنابل الغازية صوب منزل عائلتها في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فأصيب جميع ساكني البيت بآثار تلك الغازات السامة.
على الفور، هرعت الأم المكلوم إلى أقرب مركز طبي للاطمئنان على جنينها الحامل به منذ أربعة أشهر وهنالك توقف النزيف الذي أصابها بعدما أعطيت العلاج المناسب لحالتها، إلا أن آثار الدواء جاءت بالسلب على صحة طفلتها، فولدتها بتشوهات خلقية جعلت قدميها ملتصقتين بصدرها.
بعد ذلك التاريخ خضعت نور لـ12 عملية جراحية في المستشفيات الفلسطينية والمصرية، أفضت إلى تحرير قدمي إرشي وتحسين مجرى التنفس، وفي الوقت ذاته أضحت نور أسيرة لكرسي متحرك يرافقها في حلها وترحالها.
تجربة صعبة
تقول نور لصحيفة "فلسطين": "أحببت شاشة التلفاز وصوت المذيع منذ الصغر، كنت أحدث نفسي باللحظة الذي أقف فيها أمام الكاميرا، عندما وعيت على الدنيا وعرفت سر إصابتي، ارتبطتُ أكثر بمهنة الصحفيين وأيقنتُ أن ذلك الحب الأول لعالم الإعلام لم يكن عبثيًا".
وأنهت إرشي دراسة الثانوية العامة "التوجيهي" ولكن فرحتها بالنجاح واقترابها من دخول معترك الإعلام، اصطدمت بالآراء المحبِطة لها والداعية لدراسة أي تخصص أكاديمي آخر بعيدًا عن مجال الصحافة، الأمر الذي دفعها إلى دراسة السكرتارية وإدارة المكاتب في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
وتضيف: "عشت تجربة صعبة كنت أخرج من قاعة المحاضرات أجلس وحيدة في الساحة إلى أن قررت ترك الدراسة الجامعية كليًا ما لم أسجل في قسم الإعلام الذي يناسب رغباتي وطموحاتي دون النظر إلى إعاقتي الحركية"، مبينة أنها كانت تسعى للتسجيل في جامعة تناسب مرافقها ذوي الإعاقة.
وتضيف بكلمات قوامها التحدي: "سجلت في جامعة بوليتكنك فلسطين؛ وخضت مجال الدراسة عن حب ورغبة جمة إلى أن حصلت على درجة الدبلوم مؤخرًا، بالتزامن مع تطوير قدراتي في كتابة الشعر والخواطر إلى جانب مهارات الحاسوب والإلقاء الإذاعي والتقديم التلفزيوني".
إنجازات ميدانية
وواجهت إرشي خلال مسيرة دراستها صعوبات عدة، بدء من ضعف البنية التحتية المخصصة لذوي الإعاقة الحركية في الجامعات المحلية ومحدودية مصادر دخل عائلتها وصولًا إلى استماعها لعباراتٍ تسخر منها أثناء تجولها في الجامعة أو خروجها لإنجاز أعمال صحفية.
ومزجت نور بين دراستها الأكاديمية في قسم الإذاعة والتلفزيون وعملهما الميداني، إذ شاركت في عدة مبادرات وأنشطة ثقافية وشبابية وتطوعت في مؤسسة الأمل لدعم ذوي البتر، فضلًا عن ذلك شاركت في إصدار كتاب مطبوع ضمن مشروع "كتاب مؤثرون" الذي نفذه المنتدي الاجتماعي التنموي.
وتعلق على ذلك بالقول: "رحلتي الدراسية كانت شاقة جدا ولكني نجحت بتحويل مهنة المتاعب إلى عمل ممتع بإرادتي وجعل المواقف الإيجابية أو السلبية حافزا لإثبات ذاتي، مستفيدة من تشجيع زملاء المهنة ودكاترة الجامعة وقبل ذلك عائلتي وتحديدا أمي وأبي اللذين سخرا كل شيء لخدمتي".
وأنجزت نور تقريرًا مصورًا عن الرياضيين عبد الرحمن أبو وطفة ومحمد أبو عويض بعنوان "شيلو الحاجز" وكذلك قدمت عملًا مرئيًا آخر يلخص حكاية شاب مبتور القدمين واليدين، إلى جانب المشاركة في تقديم أعمال صحفية أخرى تتحدث عن آراء الشارع حول قضايا محددة.
وتختم حديثها بالإشارة إلى أن معاناة والدها في توفير كرسي متحرك لها يناسب طبيعة الإعاقة، شجعها أكثر على خوض مجال الإعلام للكشف عن حجم التهميش الذي يتعرض له ذوو الاحتياجات الخاصة داخل قطاع غزة.
المصدر: فلسطين أون لاين
أضف تعليق
قواعد المشاركة