نازحو سوريا باتجاه غزة.. هربوا من الموت ليذوقوا علقم الحصار

منذ 9 سنوات   شارك:

تعيش مئات العائلات الفلسطينية التي نزحت من سوريا إلى قطاع غزة، ووجدت فيه بر الأمان بعد الهروب من جحيم معارك الحرب التي بدأت بانتفاضة شعبية في شهر مارس/آذار من العام 2011، والتي لم تنته ويلاتها بعد، أوضاعاً معيشية وإنسانية قاسية تجاوزت الحلم الوردي بالعودة لحضن الوطن الدافئ.

230 عائلة فلسطينية سورية نزحت إلى غزة بحسب آخر إحصائية رسمية صدرت عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) نجحت في الهروب من الموت والاعتقال، ولكنهم اصطدموا بواقع لا يقل صعوبة عمّا يجري داخل سوريا؛ فوجدوا أنفسهم يعيشون داخل بؤرة جغرافية صغيرة تتعرض لحصار خانق، يستشري فيها الفقر ويعاني سكانها من البطالة، وتعدّ من أكثر الأماكن على وجه الأرض ازدحاماً بالسكان.

ومنذ انطلاق الثورة السورية بدأت العديد من العائلات الفلسطينية المقيمة في ذلك البلد بالنزوح إلى قطاع غزة؛ بسبب عدم توافر البيئة المستقرة وعمليات القتل التي تجري هناك، ورغم مرور أكثر من 4 سنوات على وجودهم بالقطاع إلا أن معاناتهم تتفاقم يوماً بعد يوم؛ بسبب تجاهل الحكومة ووكالة الغوث لحقوقهم، وعدم توفير الحياة الكريمة التي كانوا يحلمون بها على أرض وطنهم.

"الخليج أونلاين" فتح الملف لتسليط الضوء على معاناة العائلات النازحة، في الذكرى الخامسة لانطلاق شرارة الحرب السورية.

معاناة قاسية

أبو القاسم حنكة وعائلته المكونة من 5 أفراد، قضى 30 عاماً داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي العاصمة السورية دمشق، وصل قطاع غزة خلال العام 2012، عبر معبر رفح البري، يروي لمراسل "الخليج أونلاين" معاناة عائلته، ويقول: "هربنا من الحرب في سوريا بعد أن أصبح كل سوري وفلسطيني هدفاً مشروعاً للنيران والطائرات التي لم ترحم أحداً، وأحرقت الأخضر واليابس وأعدمت كل سبل الحياة داخل المخيم".

ويضيف حنكة (48 عاماً): "حاولنا الصمود داخل المخيم رغم القصف المتواصل والحصار ومنع دخول المواد الغذائية والإنسانية، إلا أن خوفي على عائلتي أجبرني على النزوح خارج المخيم، والتوجه نحو قطاع غزة؛ علّنا نجد فيها الأمن والنجاة من الموت".

وبتنهيده قصيرة اختصرت أكثر من 4 سنوات من المعاناة وقسوة الحياة، قال: "لم أكن أتوقع أن واقع قطاع غزة، والحصار الذي يتعرض له سيكون جحيماً جديداً أعيش داخله مع أسرتي التي هربت من الموت، ولكن وجدت الآن ما هو أقسى من ذلك".

ويضيف أبو القاسم: "نعاني من أوضاع معيشية صعبة للغاية منذ وصولنا لغزة، تتمثل في العجز عن الحصول على العمل وتوفير لقمة عيش لعائلتي، أو حتى دفع إيجار الغرفة التي أسكن بها منذ أربع سنوات شرق مدينة غزة".

ويشير إلى أنه وعائلته يعيشون على المساعدات المالية الضئيلة التي تُرسل لهم من قبل الحكومة ووكالة الغوث، وكذلك بعض ما يتصدق به الجيران من المأكولات ولوازم الحياة، بعد عجزه تماماً عن الحصول على أي فرصة عمل.

ويبين أبو القاسم أن "غزة هي أرض الوطن بالنسبة لي، ولكن أنا أحلم الآن بأن أعود أنا وأسرتي من جديد لمخيم اليرموك بعد أن تنتهي الحرب في سوريا وتتحسن الظروف المعيشية والإنسانية داخل المخيم، لأمارس حياتي بشكل طبيعي".

وبحسب ما حصل عليه "الخليج أونلاين" من معلومات رسمية، فقد توقفت "أونروا" عن صرف 1200 دولار للّاجئين الفلسطينيّين القادمين من سوريا كلّ ثلاثة أشهر كبدل إيجار؛ بسبب العجز الماليّ الذي تعاني منه الوكالة.

وبدورها، صرفت حكومة "حماس" في غزّة مبلغاً ماليّاً يتراوح بين 800 و1000 شيقل للعائلات السوريّة في غزّة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، غير أنّ المبلغ الماليّ توقّف بعد تولّي حكومة الوفاق أمر القطاع في أيّار/مايو 2014.

مناشدات عاجلة

معاناة المواطن أبو القاسم لم تختلف كثيراً عن الوضع السيئ الذي يعيشه النازح محمد مطري (38 عاماً) برفقة أسرته، داخل بيت "متهالك" وسط مدينة غزة، حيث اضطروا إلى ترك سوريا بعد فقدان وقتل عدد كبير من عائلتهم بسبب الحرب، حين قال: "هربت من الحرب، والآن أنا محاصر ولا أجد عملاً ولا حتى ما يسد رمق عائلتي".

ويضيف: "أعيش برفقة أسرتي مع أقاربي في غزة، ومنذ الأيام الأولى من وصولي إلى القطاع، وأنا أبحث عن عمل ولم أترك أي باب إلا وطرقته بحثاً عمّا يكفي عائلتي من أكل ومستلزمات، إلا أنني لم أحصل إلا على وعود لم أرَ منها شيئاً على الأرض".

ويتابع محمد الذي كان يعمل داخل مطعم في سوريا قبل الحرب، ودخل غزة بداية العام 2012: "أنا وأسرتي الآن فقط نتلقى المساعدات التي تصلنا من قبل الحكومة في غزة أو الجهات المختصة فقط لا غير".

وعلم "الخليج أونلاين" أن عدد العائلات السوريّة في غزّة بلغ 230 حتى منتصف عام 2015، كما غادرت ست عائلات سورية الجنسية قطاع غزّة عن طريق معبر "إيرز" الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، في السابع عشر من مايو/أيار 2015.

وقالت لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سوريا، في آخر تقرير رسمي صدر عنها، إن عدداً لا بأس به من السوريين الموجودين في غزّة التحقوا بسفن الهجرة غير الشرعيّة إلى دول الاتحاد الأوروبي، وإنّ نسبة المهاجرين تزداد بشكل مطرد، وقد ذكر المرصد الأورمتوسطي أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا وحدها منذ بداية عام 2015 قدر بأكثر من 8500 مهاجر، منهم 2200 على الأقل من اللاجئين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا، وبدأت الهجرة غير الشرعية تزدهر في قطاع غزة أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة عام 2014.

دور الحكومة

مراسل "الخليج أونلاين" التقى بعاطف العيماوي، رئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سوريا إلى غزة، للاطلاع على أوضاع العائلات الفلسطينية وآخر التحركات لمساعدتهم، فبدأ العيماوي حديثه بوصف أوضاع النازحين بأنها "مأساوية وخطيرة للغاية".

ويقول: "تعيش في القطاع أكثر من 200 عائلة نازحة من سورية لغزة، في حالة صعبة وقاسية للغاية؛ بسبب تخلي الحكومة الفلسطينية عنهم، وعدم توفير الرعاية والأموال اللازمة لهم بشكل مستمر".

ويضيف: "معظم العائلات النازحة تعاني من البطالة وعدم توفر أي فرص عمل لأفرادها رغم أن بعضهم يملك شهادات جامعية، ولديهم خبرات في مجال العمل والسوق، لكن ومنذ نزوحهم لغزة تتأزم أوضاعهم وتتجه نحو الخطر".

ولفت العيماوي إلى أن "أبرز العقبات التي تعترض العائلات النازحة هي توفير أجور السكن التي يعيشون فيها، إضافة إلى رسوم التعليم والحصول على التأمين الصحي، وعدم الاستفادة من فرص العمل في وكالة الغوث"، مشيراً إلى أن "المساعدات التي تصل من وزارة الشؤون الاجتماعية والمؤسسات الدولية ووكالة الغوث، لا تُلبي احتياجات النازحين، كما أنها غير منتظمة؛ ممّا يفاقم من أوضاعهم المعيشية والإنسانية".

والعائلات السورية والفلسطينية التي دخلت غزة معظمها من مخيمي اليرموك ودرعا للاجئين، ودخلوا القطاع إما عن طريق معبر رفح، أو عبر الأنفاق الحدودية مع مصر؛ بسبب عدم حيازتهم أوراقاً رسمية تمكنهم من دخول المعبر بشكل رسمي.

ونفذت العائلات الفلسطينية السورية في غزة عدداً من الاعتصامات أمام مجلس الوزراء الفلسطيني؛ احتجاجاً على ما وصفوه بسياسة الإهمال والمماطلة التي تمارسها حكومة الوفاق الوطني تجاههم.

مساعدات طارئة

مدير دائرة التأهيل الأسري في وزارة الشؤون الاجتماعية، علي الخطيب، أكد أن "الوزارة تسعى جاهدة للتخفيف من المعاناة التي تعيشها العائلات النازحة من سوريا إلى قطاع غزة".

وأضاف: "وضعنا جدولاً وخطة طارئة للتعامل مع تلك العائلات النازحة بما يسمح لنا بتوفير المساعدات والأموال لهم، لتخطي أزماتهم والواقع الصعب الذي يمرون به في قطاع غزة، خاصة أنه يتعرض للحصار المشدد للعام العاشر على التوالي".

ولفت إلى أنهم استطاعوا أن يوفروا بعض المبالغ المالية للعائلات النازحة تقدر بين 250-350 دولاراً للأسرة الواحدة، إضافة إلى توفير أثاث للمنازل ودفع بدل الإيجار وبعض المساعدات الخاصة من وزارة الشؤون الاجتماعية تصرف كل ثلاث شهور.

 

المصدر: الخليج أون لاين 



السابق

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: يوم الجمعة حاسمٌ مع الأونروا

التالي

ذوو المعتقلات الفلسطينيات يطالبن الإفراج عن بناتهنّ من السجون السورية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون