مخيم "نهر البارد" بخانيونس.. حياة وسط الموت
وجدت عشرات الأسر الفلسطينية الفقيرة المفتقدة إلى المأوى في أرض حكومية منخفضة غربي محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة مساكن مؤقتة من الصفيح والقماش لتستر عورتها، لكنها لا تقيها في هذه الأوقات زمهرير الشتاء.
وأطلقت تلك الأسر على مكان تجمعهم اسم "مخيم نهر البارد"، للفت الانتباه إلى المعاناة التي يتقاسمونها مع اللاجئين الفلسطينيين في المخيم الذي يحمل نفس الاسم في لبنان.
وتغيب مظاهر الحياة الطبيعية في المخيم، لتحل محلها مظاهر البؤس والفقر، لكن تسلل المرض إلى الأجساد الضعيفة هو أكثر ما يقلق هذه الأسر بفعل تواجدها قرب أماكن ملوثة.
ويُحاط المخيم بمقبرة من ناحية، ومكب للنفايات من ناحية أخرى، ويقع قرب أراض رملية (سوافي) ينعدم وجود السكان فيها منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005م.
وتزداد مُعاناة سكان المخيم في فصل الشتاء، حيث تتدفق المياه إلى داخل المخيم وفي محيطه الذي يفتقر للبُنية التحتية، فتغرق مساكنهم الصغيرة، لكن معاناتهم ازدادت مؤخرًا جراء نقص غاز الطهي، فيعتمدون على الحطب في الطهي والتدفئة.
محمد زعرب (55 عامًا) أحد قاطني المخيم، وجد مساحة (90 مترًا) قبل خمس سنوات، ليبني مسكنًا مؤقتًا من الحجارة القديمة والصفيح والقُماش، يستر به أفرد أسرته البالغ عددهم 12 فردًا.
جلس زعرب وسط غرفة صغيرة، يُكسّر فيها الحطب لزوجته، التي أشعلت النار، لطهي طعام "العدس" داخل "حلة" بالية، وعيناها تدمعان من دخان النار.
ويقول لمراسل وكالة "صفا": "جئت وأفراد أسرتي لهذه المنطقة، لعدم وجود منزل لي، وبنيت المنزل من حجارة جمعتها، بمساعدة أهل الخير، وبعد عناء أوصلنا لها الكهرباء، لكن مسكني يفتقد إلى الأدوات المنزلية والأثاث".
ويضيف "كنت أعيش بالإيجار، حتى سكنت هنا، وسط هذه المعاناة، التي تتفاقم بالشتاء والصيف، ففي الشتاء نعمل طوال اليوم على إخراج المياه التي تدخل للمنزل، وتتسرب من السقف والجدران، وتتجمع خارجه كذلك، وتحول دون خروجنا منه".
ويتابع "هذا المخيم غير معترف به، ولا يزوره أحد من المسؤولين، على الرغم من وجود عشرات الأسر به؛ عدا ذلك يتم سكب كميات كبيرة من النفايات في منطقة مرتفعة بجواره، وتنبعث الروائح الكريهة إلى داخل المساكن، وتنتشر الحشرات الضارة والقوارض، والكلاب الضالة".
ويناشد زعرب كافة الجهات المُختصة لإغاثتهم والتخفيف من معاناتهم ومأساتهم المتفاقمة داخل المخيم غير الصالح للحياة الآدمية، وإيجاد بدائل للسكان، وإنقاذهم من خطورة الأوضاع التي يعيشونها.
معاناة مشابهة
ولا يختلف الحالُ كثيرًا، في المنطقة المُنخفضة، التي تقع على أطراف مخيم خان يونس للاجئين، خلف وزارة الشئون الاجتماعية، عن حال سكان "نهر البارد"؛ فالمياه تغمرها في الشتاء، وحرارة الصيف تقتل الحياة بها، ولا يجد ساكنيها سوى وسائل بدائية لتقليل الضرر عنهم، كإنشاء سواتر رملية.
ويقول "أبو محمد" أحد قاطني المنطقة لـ"صفا": "نحن منسيون ولا يلتفت إلينا أحد".
ويضيف "عندما تسقط الأمطار تغرق المنطقة، بحُكم انخفاضها عن باقي مناطق خان يونس، وتنغمر منازلنا المتهالكة المبنية من الحجارة القديمة والقماش بالمياه".
ويتخوف سكان المخيمين من بقاء أحوالهم على ما هي عليه، دون اهتمام حكومي بتوفير بدائل لهم، أو محاولة تحسين أوضاعهم المعيشية المتردية، والتي تهدد حياة الكثيرين منهم.
المصدر: وكالة صفا
أضف تعليق
قواعد المشاركة