حصار غزة يخلق مهناً جديدة لدى الفلسطينيين
تسببت الحرب على قطاع غزة برفع عدد العاطلين عن العمل إلى قرابة 200 ألف عامل، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، وفق بيان لاتحاد عمال فلسطين.
ونتيجة لذلك اضطر شباب في قطاع غزة لترك أعمالهم واتجهوا نحو أعمال أخرى قد تبدو قاسية.
المنازل الخشبية
بأدوات نجارة تقليدية، ينهمك الفلسطيني، عبد الرحمن الوحيدي، ويثبت ألواحا خشبية مستطيلة إلى جانب بعضها لتشكل الجدار الأخير لمنزل خشبي جديد بدأ في بنائه استمر في تجهيزه أسابيع على الأطراف الشرقية لمدينة غزة، ليأوي عائلة فلسطينية دمّر الطيران بيتها خلال صيف العام الماضي.
وبدقة متناهية، يضع عبد الرحمن مع خمسة من عماله اللمسات الأخيرة على سقف المنزل وجدرانه قبل تسليمه لساكنيه، لينتقلوا بعد ذلك لإعداد منزل جديد في أقصى جنوبي القطاع لعائلة هي الأخرى دمر بيتها خلال الحرب.
ولجأ الوحيدي إلى مهنة بناء المنازل الخشبية، بعد زيادة الإقبال عليها، باستخدام مواد البناء التقليدية التي تمنع إسرائيل توريدها إلى القطاع بذريعة استخدامها من الفصائل الفلسطينية في بناء تحصينات عسكرية.
ويحكي لـ" هافينغتون بوست عربي" بحثه عن عمل آخر طوال شهرين متواصلين بعد الحرب" ولكن دون جدوى فالأوضاع الاقتصادية هنا سيئة للغاية، إلى أن عرض علي أحد أقاربي أن أبني له بيتا خشبيا ليسكن فيه مع عائلته بعد أن قصف منزله".
ولم يترد الوحيدي في قبول الفكرة، وباستخدام المطرقة الحديدية، والمنشار اليدوي، والمسامير والأسلاك الحديدية، بدأ يشق طريقه الجديدة.
وزاد إقبال الناس في غزة على المنازل الخشبية، فهي ذات أسعار رخيصة نسبياً، وتغنيهم عن عناء التفرق في مراكز الإيواء واللجوء.
العشرات من الفلسطينيين الذين لا يجدون فرصاً للعمل في القطاع بدأوا بمهنة تجهيز المنازل الخشبية للتغلب على وضع بائس جاءهم بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ سيطرة حركة "حماس" على غزة قبل نحو 8 أعوام.
إعادة التدوير
وبناء البيوت الخشبية، ليست المهنة الوحيدة التي ظهرت في القطاع عقب الحرب، فنسبة البطالة القياسية التي يعاني منها 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، دفعتهم للعمل في مهن جديدة لا تتواجد إلا في بلادهم.
فبين ركام عشرات المنازل المدمرة في حي الشجاعية، ينشغل الشاب الفلسطيني خالد عيد، لأكثر من عشرة ساعات يومياً، برفقة أكثر من 20 شاب آخر، باستخراج قضبان حديد البناء من تحت الأنقاض، لينقلوها على عدة عربات صغيرة نحو ورش للحدادة في أنحاء القطاع، ليتم "تعديلها" يدويها وإعادة بيعها لتستخدم في أعمال الحدادة والبناء.
ويقول خالد لـ"هافنجتون بوست عربي": "تمكنت اليوم من تجميع كمية لا بأس بها من قضبان الحديد، سآخذها إلى ورشة أحد أقاربي غربي مدينة غزة، ليعيد تعديلها، وسأبيعها بعد ذلك بمبلغ يزيد عن مائة شيقل (30 دولار أميركي)".
ولا يخفي خالد، الظروف الصعبة والقاسية التي يعمل بها ورفاقه في استخراج وتعديل الحديد، ويقول إن استخراج الحديد من المنازل المدمرة مهنة خطرة للغاية فربما ينهار سقف وجدران أحد المنازل التي نعمل فيها بشكل مفاجئ، أضفت إلى ذلك أن المهنة تتطلب تحطيم كميات كبيرة من الخرسانة والحجارة، باستخدام أدوات بسيطة لا تتعدى المطرقة في كثير من الأحيان".
الركام ذو قيمة في غزة
وليس ببعيد عن موقع عمل الشاب خالد وزملاءه في ذات حي الشجاعية، كان هناك مجموعة أخرى، تجمع ركام المنازل المدمرة على عربات صغيرة.
وعلى تلة رملية صغيرة، كان الفلسطيني سامح صبح يلقي بجسده المنهك ليستجمع قواه بعد أكثر من ثلاث ساعات من العمل المتواصل في نقل الركام إلى عربته. وبعد انتهاء استراحته التي لم تستغرق أكثر من عشر دقائق، يقول صبح "نعمل هنا على جمع ركام المنازل ونقله إلى معمل لتكسيره إلى قطع صغيرة (حصى) ليتم إعادة استخدامه فيما بعد في رصف الطرقات وأعمال البناء".
ويضيف صبح: "هذه المهنة متعبة للغاية وأصابتني بأمراض عديدة في ظهري ومفاصلي، بالإضافة إلى الجروح المختلفة في أنحاء جسدي، ولكن لا أجد مهنة أخرى أحصل منها على المال الكافي لأنفق على زوجتي وأطفالي".
المصدر: هافينغتون بوست
أضف تعليق
قواعد المشاركة