أبو الحسن.. حكاية معتكف بالأقصى

منذ 10 سنوات   شارك:

 اجتاز الصعوبات ومشى طرقًا عديدة ليصل إلى القدس في اليوم الخامس عشر من رمضان ليكون اعتكافه في المسجد الأقصى هذه السنة مختلفًا عن اعتكافات السنوات السابقة.

فمن مدينة طولكرم، شمال الضفة الغربية، شق المواطن "أبو الحسن" طريقه إلى المسجد الأقصى متحديا عراقيل الاحتلال وحواجزه ليكون واحدًا من بين آلاف المعتكفين الذين أمّوا المسجد الأقصى منذ منتصف الشهر الفضيل.

يقول أبو الحسن، وهي الكنية التي عرف بها نفسه خوفا من ملاحقة الاحتلال: "معظم شبان الضفة الغربية غير مسموح لهم بالدخول إلى القدس وتحت السن القانوني لا يصدر لهم تصاريح، فيلجؤون إلى التهريب، هذه الوسائل التي تحمل مخاطرات كبيرة يتجلى فيها مدى عشق الشبان والفتية للمسجد الأقصى المبارك، فقد شاهدت خلال مجيئي طفلا لم يتجاوز الاثني عشر عاماً يمشي من حاجز قلنديا العسكري إلى الأقصى ليصل مشياً على الأقدام".

ويضيف أبو الحسن في حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "وسائل وطرق عدة يلجأ لها الشبان من الضفة للوصل للمسجد الأقصى والصلاة فيه، فمنهم من يلجأ إلى أنابيب الصرف الصحية، أو يتسلقون جدار الفصل والذي يتعدى طوله تسعة أمتار في مناطق ومناطق أخرى 12 مترا، وخلال هذه الرحلة يتعرض بعضهم للكسور وللجروح وللحروق في الأيدي".

ورغم هذه المعاناة والصعاب، فإن الشبان يشعرون بلذة خاصة بالعبادة في المسجد الأقصى كما يقول أبو الحسن، ويضيف: "رغم مطاردة جنود الاحتلال، ورغم ما قد يتعرض له من كسور أو جروح إلا أنه يكون فرحًا بهذا الألم والكسر والجرح ولسان حاله كمثل الصحابي الجليل، وإني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة".

دموع الفرح والعبادة

وعن مشاعره عن لحظة الوصول للأقصى يقول أبو الحسن: "مجرد ما أن يدخل ساحات الأقصى حتى تذرف دموعه دمعاً، والبعض منهم يبحث عن أي مصطبة أو شجرة، وعند دخوله يقول أنا في الجنة".

ويقول أبو الحسن قررت أن يكون اعتكافي هذا العام باكراً، عادة كنت أعتكف في العشر الأواخر، ولكن هذه السنة قررت أن آتي وأرابط خلال فترة اقتحامات المستوطنين للأقصى وأراها من كثب، وشوقي الكبير للمسجد الأقصى دفعني أن آتي مبكراً، فبدأت اعتكافي من اليوم الخامس عشر في رمضان.

ويصف رحلته من مدينة طولكرم إلى القدس بالقول: "في طريقي للقدس تعرضت للعديد من الصعوبات؛ فقد تنقلت كثيراً، واضطررت للمشي على الأقدام لساعات طويلة وكثيرة قاطعين بعضًا من الجبال، واجتزنا الكثير من الأماكن وتعبنا، وكانت نهايتنا في ساحات المسجد الأقصى بعد ساعات سفر وعناء طوال.

ويضيف "عند دخولي المسجد شعرت أن باب الجنة قد فتح، فلم أتمالك مشاعري في تلك اللحظة، فقد كنت طوال الطريق أمشي وأنا خائف، فالمعتكفون يكون دعاؤهم سنوياً "اللهم لا تجعل هذا آخر العهد في الأقصى".

ويتابع: "في بداية اعتكافي ومع قدومي كان عدد المعتكفين قليلا، وكانت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تجري كالمعتاد وبحماية من شرطة الاحتلال، ولكن صدّ الاقتحامات ليس بالصورة المتوقعة؛ لأن المعتكفين من أهل الضفة الغربية ولا يدركون كيف يتم ردع المستوطنين، بينما المرابطون في بيت المقدس يدركون أن التواجد في الساحات بحد ذاته يشكل صدًّا لاقتحامات المستوطنين".

منعطف في حياته

وعن أول اعتكاف له بالأقصى وأثره، قال أبو الحسن: "اعتكافي الأول كان في عام 2009 وشكّل منعطفًا كبيرًا في حياتي؛ حيث طرأ تغيير على مسار حياتي، وزاد من حجم اهتماماتي، ففي هذا الاعتكاف زاد وعيي وحجم إدراكي للمسجد الأقصى وتغيرت النظرة العامة والجميع يعرفها ويدركها بأنه أولى القبلتين وثاني المسجدين".

ويضيف "كنت أنظر لأبواب ومصاطب الأقصى على أنها معالم تراثية وضعها المسلمون فيه، ولكن في ذلك العام شاركت بجولة تعليمية إرشادية بمعالم الأقصى فاكتشفت خلال تجوّلي أن هذه المعالم ليست معالم صامتة بل حجارتها تتكلم قيمًا تربوية وعلمية".

ويقول: "الأجواء الرمضانية في المسجد الأقصى مغايرة وغير اعتيادية ففي كل وقت من أوقاته يتزين ويتحلى بحلة جديدة، والذي يأتي باكراً إليه يرى روعته مع الفجر ومع الظهر ولكن عندما يحلّ المساء يزدان جمالاً ويتألق بازدياد، كما ويشعر كل من فيه بالطعم الحقيقي للروحانيات والإيمانيات، وعندما تبدأ صلاة التراويح وصلاة القيام تبدأ تشعر بمعانٍ جديدة وتخلق من أول وجديد".

ويشير إلى أنه: "في المسجد الأقصى كل شيء مبارك حتى النوم، فأنا كنت في منزلي أنام بحدود سبع ساعات يومية، لكن في المسجد الأقصى أنام بحدود ثلاث ساعات ومتقطعة غير متواصلة لكن أشعر أني بكامل حيويتي ونشاطي وقادر على العطاء، وأصلي أكثر من صلاتي في داخل منزلي، فكل شيء في الأقصى مبارك، وسويعات قليلة من النوم تغني عن ساعات طويلة خارجه".

ويختم بالقول: "آتي للأقصى بنية الاعتكاف والطاعة والعبادة لله تعالى، ثم بنية الرباط في سبيل الله، لأننا في أرض الرباط وهي بقعة حساسة، والنية الثالثة التعليم والتعريف فالكثير من الناس يأتون إلى المسجد الأقصى ولا يدركون شيئا عنه ويجهلون الكثير من الحقائق والأماكن".



السابق

"باباديمولوس" يدعم طلب مركز العودة الفلسطيني الانضمام للأمم المتحدة

التالي

فلسطين تتقدم بطلب الانضمام لمنظمة الأبحاث النووية اليوم


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

فلسطين… قضيّةٌ عادلةٌ بِأيدٍ فاسدةٍ!

من أكثر ما يعتصر القلب أن ترى قضية عادلة تُحاكم أمام محامٍ فاشل وفاسد. هذه هي مأساة فلسطين، قضية مقدسة وأرض مغتصبة، لكن من يقف في … تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير