مأساة لاجئي «اليرموك» تؤرق أقاربهم بغزة
تقضي أم عبادة في قطاع غزة جلّ وقتها وهي تتابع التطورات الميدانية في مخيم اليرموك، خشية تعرض عائلتها للأذى، بعد مقتل أحد أبناء عمومتها في قصف استهدف منزلا في المخيم.
ورغم نجاح والديها في الخروج من المخيم والانتقال إلى حماة قبل خضوع معظم أحيائه لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، فإن القلق يساورها على مصير أقاربها خصوصاً شقيقيها وعائلتيهما الذين يقطنون حي التضامن، ويبلغونها أن خطر القصف والموت يحدق بهم في كل لحظة.
ولم تفلح الأربعينية -التي قضت طفولتها وشبابها في مخيم اليرموك قبل عودتها إلى غزة- في الحفاظ على حياتها الطبيعية منذ اشتدت الاشتباكات المسلحة في المخيم قبل عدة أيام، حتى أنها لم تعد تتمالك أعصابها وتفقد قدرتها على القيام بمهامها المنزلية والعائلية.
وتقول للجزيرة نت إن الخوف والتوتر الذي يسيطر عليها هذه الأيام لا يقل عما عاشته خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، خصوصاً أن لاجئي المخيم أصبحوا بين ناري النظام وتنظيم الدولة، مضيفة أنها تخشى كلما دق جرس الهاتف أن يصلها نبأ مقتل أحد أقاربها.
حالة القلق التي تسيطر على أم عبادة تتشابه مع أحوال مئات العائلات التي غادرت مخيم اليرموك وعادت إلى غزة بدءاً من نهاية عام 2012، هروباً من المعارك بين النظام والمعارضة المسلحة، تاركة خلفها أقاربها وأصدقائها.
استهداف اللجوء الفلسطيني
بيد أن معظم من حاولت الجزيرة نت لقاءهم رفضوا التعريف بأنفسهم أو الحديث أو التقاط الصور عبر وسائل الإعلام، خشية تعرض أقاربهم للأذى في مخيم اليرموك، كما هو حال أبو محمد الذي وصف ما يحدث في المخيم بالمؤامرة على اللاجئين لتصفية أحد أبرز معالم اللجوء.
ويعتقد الستيني باقتراب نهاية قصة مخيم اليرموك من خلال الانقضاض على ما تبقى من ساكنيه، من هذا الفريق أو ذاك، حيث يتجرع اللاجئون هناك صنوفاً من العذاب والمعاناة وفق متابعته.
ويتساءل أبو محمد عبر الجزيرة نت "ألم يكن بإمكان قوات النظام اقتحام المخيم منذ سنوات بدلاً من محاصرته؟ ولماذا لم يعقد صفقة أو تسوية مع المسلحين كما حدث في مناطق أخرى؟".
ويضيف أن النظام السوري جزء من منظومة تدمير المخيم وفكرة اللجوء الفلسطيني برمتها، فمنذ اللحظة الأولى كان يعمل على تفريغه من الفلسطينيين، وتشتيتهم في بقاع الدنيا، فالمخيم تحول إلى تجارة بيد النظام وبعض التنظيمات الفلسطينية وفق تقديره.
وبينما يعيش الفلسطيني -الذي خرج من مخيم اليرموك قبل عامين- أوقاتا عصيبة بعدما فقد الاتصال بابنه وعائلته، وقلبه يتفطر عليهم، يعتبر الحديث عن أزمة المخيم بعد سيطرة الدولة الإسلامية على معظمه أمراً غير منطقي.
فالأزمة بدأت منذ تدخلت أطراف فلسطينية في الصراع السوري، وغيبت مصلحة المخيم، ليتحول الصراع في ما بعد إلى فلسطيني فلسطيني، ويدفع سكانه الثمن من أرواحهم بحسب رئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سوريا الى غزة عاطف العماوي.
توريط الفلسطينيين
وفي الوقت الذي يصف فيه المسؤول الفلسطيني ما يحدث في اليرموك، بالجرائم التي تفوق كل تصور إنساني، ولا يمكن تخيلها من قتل وتجويع وتشريد، يحذر من حدوث نهاية مأساوية لسكان المخيم، في ظل عدم مراعاة الأطراف المسلحة لوجود آلاف اللاجئين.
ويقول العماوي للجزيرة نت إن أزمة اليرموك إنسانية تتعلق بمعاناة اللاجئين، ووطنية تختص باللجوء وحق العودة، مضيفاً أن تدارك المأساة ممكن عبر تحييد حقيقي للمخيم عن الأزمة السورية وتحرك فاعل لمنظمة التحرير بدلاً من أدائها الضعيف والبطيء.
وفقاً لرئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، فقد وصلت الأوضاع الإنسانية بالمخيم إلى مستويات مأساوية جدا، بعد توقف عمل معظم الجهات الإغاثية، بينما تعمل الخدمات الطبية بأدنى مستوياتها.
ويدعو الحقوقي الفلسطيني في حديثه مع الجزيرة نت وكالة أونروا واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى العمل على فتح ممرات إنسانية لسكان المخيم، مطالباً الأطراف المسلحة داخل المخيم بتحييد المدنيين.
المصدر : الجزيرة
أضف تعليق
قواعد المشاركة