«يوم الأرض» بعد 39 سنة.. ما زالت الأرض مزروعة في وجدان اللاجئين!

منذ 9 سنوات   شارك:

خاص شبكة العودة الإخبارية

«رغم مرور أكثر من 39 عاماً على انتفاضة يوم الأرض، إلاّ أن الجرح لم يندمل، فالنفوس الأبيّة ترفض سياسة القمع وسلب العربي أرضه. نفوسٌ ما زالت مصرّةً على حقها بالعيش بعزةٍ وكرامةٍ على أرضها، تقاوم المستعمر اليهودي المعتدي، الذي لا حقّ له بأرض لا يملكها بالأساس».. هذا ما أكدته لقاءات مع عدد من عوائل شهداء انتفاضة يوم الأرض في آذار (مارس) عام 1976، في الداخل الفلسطيني المحتل، عندما قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وخاصة في قرى الجليل وفي مقدّمتها سخنين وعرّابة وكفركنا، لكن الجماهير الفلسطينية خرجت عن سكوتها، وانتفضت في وجه الاحتلال الذي صادر قرابة المليون دونم من ملكيّة المواطنين العرب منذ نكبة 48.

قصة الشهيد خضر خلايلة

وفي مقدمة عوائل الشهداء عائلة الشهيد خضر خلايلة ذلك الشاب المناضل الذي كان قد استشهد في مواجهات يوم الأرض.. ارتقى شهيداً برصاص الحقد الإسرائيلي بعد زواجه بشهرين فقط.

قصّة استشهاد خضر رواها الوالد المنكوب عبد الكريم محمود خلايلة «في الثلاثين من آذار طوّق جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة سخنين بالدبابات في مسعىً منه لكسر قرار الإضراب، حيث كانت قد وقعت مواجهاتٌ دامية بين الشرطة والمواطنين قبل ذلك بيوم، فلقّنت الجماهير السخنينية رجال الشرطة وحرس الحدود درساً قاسياً، أرادت سلطات الاحتلال بعدها الانتقام، فطوّقت البلدة تمهيداً لاقتحامها وردّ اعتبارها».

«وفي الساعة السادسة صباحاً دخلوا البلدة وفرضوا حظر التجوّل على السكان واعتدوا عليهم داخل بيوتهم، واعتدوا على معلّمة في أحد شوارع البلدة، فشاع الخبر أن المربية آمنة استشهدت، فهبّ خضر للدفاع عن بنت بلده. كان مقداماً حمل الحجارة بيده وخرج يقاتل فبدأ الجيش بإطلاق النار بهدف القتل فأصابوه برصاصةٍ في رأسه، وسُرعان ما استشهد! كان يوم تشييعه مهيباً دبّ الروح في المواطنين العرب في الداخل، فخرج الأهالي يقاتلون الاحتلال بأيديهم دفاعاً عن أرضهم.. هذه المواجهات البطوليّة وقفت سدّاً في وجه سلطات الاحتلال، ودماء الشهداء أنقذت آلاف من دونمات أراضينا من المصادرة».

أما الوالدة الحاجة أم سعيد، فعندما بلغها أمر إصابة ولدها هرعت إلى مكان الحادث، هجمت على الجنود وضربتهم وصاحت في وجههم: «قتلتم إبني يا كلاب»، وتابعت تقول: «خضر كان مقداماً أصرّ على التمسك بالأرض من خلال الدفاع عنها، ما هاب الموت، رفض الذهاب إلى العمل يوم الثلاثين من آذار عام 76 واستعد للمواجهة».

الشعب قرّر الإضراب!

هذا المخطط الأخطبوطي المثير، الذي سعى وما زال يسعى لسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية، أخرج الجماهير العربية الفلسطينية عن سكوتها، فانتفضت في وجه عدوان السلطة عليهم، وتحدّت قرارات الظلم والجور، فكان الرد الإسرائيلي بقوّة السلاح، ودخلت قوات معزّزة من الجيش مدعّمةً بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية العربية، وفي مقدّمتها سخنين وعرّابة وكفركنا، حيث وضعت السلطات الإسرائيلية يدها على أكثر من عشرة آلاف دونم من أرض الملّ التابعة لسكان قرى سخنين، عرابة ودير حنا، فاستُشهد من استُشهد وجرح واعتقل العشرات..

أحداث عدّة مهّدت لانتفاضة يوم الأرض، في الثلاثين من آذار (مارس)، التي سطّر فيها الفلسطينيون مقاومةً باسلةً في وجه هذا المخطط الأخطبوطي المثير الذي سعى وما زال يسعى لسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية.. ففي 27 آذار (مارس) عام 1976 عقد رؤساء السلطة المحليّة العربيّة اجتماعاً طارئاً في مبنى بلدية شفاعمرو، للبحث في قرار إعلان الإضراب العام في الثلاثين من آذار (مارس) احتجاجاً على سياسة «إسرائيل» في مصادرة الأرض بهدف تهويد الجليل، والتفّ حول مبنى البلدية الآلاف من أبناء شفاعمرو والقرى المجاورة وهتفت الجماهير: «بالروح بالدم نفديك يا جليل» و«أرض العروبة للعرب صهيوني شيّل وارحل» و«أرض الجليل لأصحابه مش للحاكم وأذنابه».

وطالبت الجماهير الرؤساء باتّخاذ قرار الإضراب، إلا أنّ سلطات الاحتلال كانت قد ضغطت على عدد من الرؤساء (الأذناب) بعدم الموافقة على اقتراح إعلان الإضراب، وعملت السلطات بواسطة عملائها من أجل إفشال الإضراب ولو بالقوة. ولم يتوصل المجتمعون إلى قرار يقضي بإعلان الإضراب، فأطل المناضل الراحل توفيق زيّاد (رئيس بلدية الناصرة) من نافذة قاعة الإضراب وصاح بالجموع المحتشدة: «الشعب قرّر الإضراب» وسط تصفيق حار وهتافات تدعو للإضراب، فاندلعت مواجهات ساخنة بين رجال الشرطة والجماهير أدّت إلى إصابة المئات واعتقال العشرات، فكانت هذه الانتفاضة هي الأولى للمواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الخط الأخضر، وشكّلت هذه الانتفاضة علامة فاصلة في تاريخ الجماهير الفلسطينية في الداخل.

قرارات سبقت الإضراب!

قبل أن يُعلِن فلسطينيو الداخل قرار الإضراب رفضاً لسياسة الاحتلال التهويدية، كانت سلطات الاحتلال قد أصدرت عدّة قرارات مجحفة بحق المواطنين الفلسطينيين، أبرزها: صدور قرار بإغلاق منطقة المل (منطقة رقم 9) ومنع السكان العرب من دخول المنطقة وذلك بتاريخ 13 شباط (فبراير) 1976.
صدور وثيقة متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية (تسمى وثيقة كيننغ) بتاريخ 1 آذار (مارس) 1976، كاقتراح تهويد الجليل واتخاذ إجراءات سياسيّة في معاملة «الأقليّة العربية في إسرائيل». هذا إلى جانب العمل على تكثيف الاستيطان اليهودي في الجليل (على الأرض العربية) وإقامة حزب عربي يُعتبر مسانداً لحزب العمل الصهيوني، وعمدت السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ سلسلة من القرارات الرامية إلى تضييق الخناق على السكان الفلسطينيين العرب، وخاصة سياسة التضييق الاقتصادي على العائلة العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل.

حسّان طه: شقيقي محسن أطلق شرارة المواجهات

قصص شهداء يوم الأرض كثيرةٌ لا تنتهي، فالفلسطينيّ دفع روحه من أجل أن تبقى الأرض عربيّة طاهرةً من دنس الاحتلال. فقرية كفركنا هي الأخرى لم تكن أقل حظاً، فسكّانها انتفضوا إلى جانب إخوانهم أبناء بلدهم في سخنين وعرابة ودير حنا، ومن هذه القرية استشهد الشاب البطل محسن طه (16 عاماً)، حيث قال أخوه حسّان: «محسن كان الشرارة التي أطلقت المواجهات، لم يخَف جيش الاحتلال وظلّ يقاوم بالحجر حتى بعد أن طوّق جيش الاحتلال القرية من كل الجهات. فترصّده أحد الجنود وأطلق عليه الرصاص فأصابه برأسه.. واستشهد».

وأضاف محسن «بعد أحداث يوم الأرض كُسر حاجز الخوف لدينا، عرفنا أن بإمكاننا مقاومة المحتل حتى لو كلّف الأمر استشهاد العشرات منا واعتقال المئات، المهم عدم السكوت على الظلم. فشهدنا بعدها ظهور حركات وطنية بدأت تنشط على الساحة العربية في الداخل المحتل»...

لم يعُد يوم الأرض ابن العام 1976، بل كرّس نفسه مناسبةً سنويّةً ممتدّةً ومستمرةً نحيي معانيها ومفاهيمها كل عام. وهذا اليوم سجّل إعادة الاعتبار لفلسطينيي الدّاخل أمام العالم بعد أن بزل الاحتلال جهوداً هائلة على مدى 28 سنة (1948- 1976) لطمس هويّتهم وخصوصيّة وجودهم.. هو يومٌ يُسجّل فيه أيضاً ولاء اللاجئ الفلسطينيّ في دول الشتات العربي والأوروبي والأميركيّ، للأرض الأم التي عشق الانتماء لاسمها وهويّتها والعودة إلى ربوعها وهي عامرة بالحريّة والعزّة والإباء...

 



السابق

قائد إقليم العاصمة ينهي احتقانات مخيم الوحدات

التالي

كارتر: إنهاء حصار غزة يجنبنا حرباً قادمة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون