في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين

قوى أمنية تحافظ على أمنٍ متصدّع، وشبابٌ ضاقت بهم حياة المخيّم!

منذ 9 سنوات   شارك:

خضّاتٌ أمنية يشهدها مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (دنوب لبنان) من حينٍ إلى آخر، تنشر القلق والتوتّر فيه لتضاعف همّاً يحمله اللاجئ منذ أن وطأت قدماه أرض المخيم.. سيناريوهاتٌ كثيرةٌ حيكَت للمخيم بأيدٍ تتقن عملها، وتحترف صناعة الفتن والمآسي على حدٍ سواء.. مرّةً نسمع عن سيّارةٍ مفخخة خرجت من المخيّم، ومرةً أخرى نتفاجأ "بسكوبٍ إعلامي" موضوعه أنّ أحد المطلوبين للقضاء اللبناني يأوي في المخيم عند أحد أنصاره.. فيقف اللاجئ هنا بين همّه الأكبر؛ قضيته الأم، والهمّ الأصغر وهو أمن مخيمه الذي يؤويه منذ سنواتٍ طويلةٍ، ولقمة عيش أبنائه ومستقبلهم..

القوة الأمنية المشتركة.. الحل المنشود

هذه الأوضاع التي مرّت على المخيم وما زال أثرها واضحاً، كانت قد دفعت الفصائل الفلسطينيّة إلى إطلاق القوّة الأمنيّة المشتركة في مخيّم عين الحلوة في تموز (يوليو) من العام الماضي، وفي مخيم المية ومية يوم الثلاثاء الماضي، لتقوم بمهام حماية أمن واستقرار المخيم ووقف الاغتيالات وملاحقة المخلّين بالأمن، مستفيدةً من الغطاء السياسيّ والأمنيّ من مختلف القوى الفلسطينيّة الوطنية والإسلامية، ومؤازرة السلطات اللبنانية لهذه الخطوة.


وفي صدد ذلك أكّد نائب قائد الأمن الفلسطيني في لبنان اللواء منير المقدح لشبكة العودة الإخباريّة «أنّ التوافق السياسي بين الفصائل الفلسطينيّة استطاع أن يتدارك الكثير من الفتن في مخيم عين الحلوة، فأكثر من 850 قضيّة مرّت علينا خلال 8 أشهر فقط، وبعضها قضايا أمنية كبيرة، ولولا تكاتف الفصائل ما استطعنا تداركها. فشعبنا توّاق للحفاظ على الأمن، ونحن كذلك توّاقون لتحقيق الأمن، كذلك لتعزيز العلاقة مع الشعب اللبناني الشقيق، وهي ضمانة لاستمرارية هذه القوة الأمنية».

هي خطوةٌ استطاعت إلى حدٍ ما تحقيق هدفها في تحدّي الفتن ودحرها وتجنيب المخيم مشاكل لا طاقة له بها، حتى قرّرت الفصائل الفلسطينيّة بتشكيل قوّة أمنية في كافة مخيمات اللاجئين في لبنان، وقد كان مخيم المية ومية المخيم الثاني لهذه التجربة التي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي لتسير على نفس الطريق، لتتبعه مخيمات بيروت في وقت قريب، ثم باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما مدى نجاح هذه التجربة عمليّاً في مخيم عين الحلوة ليتم تعميمها على كافة المخيّمات؟


وكانت الإجابة من نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان د. أحمد عبد الهادي الذي أفاد لشبكة العودة عن نجاحٍ مهمٍ حققته القوة الأمنية منذ إطلاقها في مخيم عين الحلوة، وقال «أجرينا إحصاءً فوجدنا أنّ عدد الجرائم والمشاكل، والأحداث الأمنية قد خفّت بشكل كبير بعد انطلاق القوة الأمنية، بالإضافة إلى أنه تمّ التعاطي بجدّ مع قضايا عديدة كقضية المخدرات، واستطعنا توقيف الكثير من تجار المخدرات في المخيم».

 عين الحلوة في الواجهة من جديد

«العين على عين الحلوة» هي عبارةٌ يحفظها اللاجئ في عين الحلوة عن ظهر قلب. إذ لا تكاد ترخي الفتنةٌ حبلها عن رقاب أهالي المخيم، حتى تعقبها أخرى أدهى وأمكر، لنرى بعض وسائل الإعلام اللبناني تسارع متلهّفةً لإيجاد مادة عن المخيّمات تتناولها.. فلا يستطيع أحدٌ إنكار أنّ الكثير من وسائل الإعلام اللبنانية لا تنظر للمخيمات إلّا من المنظور الأمني الذي يحقق أغراضاً خفيّةً أكبر من الجميع.. وقليلاً ما تنظر إليه من المنظور الإنساني المأساوي للاّجئ المغلوب على أمره! فالتصريحات الأخيرة لفضل شاكر حول إمكانية خروجه من المخيم بزي تنكّري باتت شغل الإعلام الشاغل، مُغفلين مآسي المخيّم التي جعلت منه بقعة منكوبة!

فقيادة الجيش كانت قد رجّحت أنّ شاكر قد يخرج من المخيم بزي منقبة، فنشرت المجنّدات عند الحواجز لتفتيش المنقبات، منعاً لخروجه. وفي هذا الموضوع أوضح الشيخ جمال خطاب أمين سر القوى الإسلامية في مخيّم عين الحلوة لشبكتنا «أنّ القوة الفلسطينية المشتركة متفاهمة مع قيادة الجيش، ولم تحصل في هذه التطوّرات الأخيرة، على صعيد تفتيش المنقبات، أيّة مشاكل سوى المشكلة الوحيدة التي حصلت مع إبنة الشيخ أسامة الشهابي، وتم تدارك الأمر بسرعة».

 


كثيرةٌ هي الاتّهامات التي توجّهها بعض وسائل الإعلام اللبنانية إلى المطلوبين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة حول إيواء «إرهابيين» وغيرها، علماً أنّ تجاهلاً كبيراً من جهتها تمنحه لآلاف المطلوبين في مناطق البقاع. وفي هذه القضيّة يؤكّد الشيخ جمال أنّه «ما من مطلوبٍ من خارج مخيم عين الحلوة يقيم في المخيم، ويضيف أنّ في مناطق البقاع نحو 30 ألف مطلوب للدولة بتهم مثل تجارة المخدرات، والأسلحة، والتهريب... أمّا في مخيم عين الحلوة فيوجد 300 مطلوب فقط وأكبر التّهم هي إطلاق النار.. فلماذا إذاً هذا التهويل الإعلامي على المطلوبين في مخيم عين الحلوة، مع العلم أنّ القوة الوطنية المركزية تسهر على تحقيق الأمن في المخيم ومنع دخول أي غريب مشتبه به حسبما أعلنت؟

أوضاعٌ مأساويةٌ تسرق الشباب

«الواحد بدو يدوّر على عيشة تريحو يلاقي لقمة عيشو والأمن متوفّر بحياتو، مش يطلع من البيت وقلبو على أهلو بالمخيّم.. والله الهجرة هيي الحل الوحيد».. بهذه الكلمات عبّر الشّاب لؤي عن استيائه من الأوضاع المتردّية في مخيمه الذي وُلد وترعرع فيه، حيث البطالة والفقر تتغلغلان بعمق داخله، والأمن منكوبٌ، والّليل الهانئ صعب المنال، تُعكّر صفوه العبوّات الليلية من وقتٍ إلى آخر.

ويضيف لؤي «أنّ القوّة الأمنيّة المشتركة هي خطوة مهمّة للحفاظ على الأمن، لكنّها وبنظري، لم تستطع كما كان مأمولاً، أن تحقق الأمن النسبي في المخيم، ففي العديد من الأحياء مثل صفورية، والصفصاف، والطوارئ.. ممنوع عليها الدخول وبالتالي فإنّ الأمن منقوص في المخيّم».

وأبدى الشاب محمّد رأيه قائلاً «للأسف نحن نعيش نصف حياة والنصف الآخر معاناة بكل ما للكلمة من معنى، حتى كيس الشمينتو إذا بدي أدَخْلو عالمخيّم بدي تصريح لإلو مهما غيرو راح نضل بحاجة لتصاريح.. كيف بدنا نعمّر ونتزوّج، أي عيشي هاي!».. محمد مثله مثل الكثير من الشباب الفلسطينيين في المخيّم حيث يجدون المخيّم أشبه ببيتٍ موصدةٍ أبوابه لا تفضي إلى شيءٍ سوى المعاناة.

وفي صدد ذلك أكّد د. أحمد عبد الهادي «أنّه مع نهاية عام 2014 أجرت قيادة المخابرات اللبنانية بحثاً حول مواد البناء التي تدخل مخيم عين الحلوة فوجدوا أنه نحو 50 ألف كيس قد دخل إلى المخيم خلال عام 2014، لذلك كانوا متخوفين من أن تكون بعض من هذه الكمية تُستخدم لشيء أمني في المخيم. لكننا كفصائل أوضحنا لهم حاجة المخيم الكبيرة لمواد البناء، إذ أنّ عدد السكان يتزايد، ومنهم من يريد أن يتزوج فيضطر إلى أن يبني بيته فوق بيت عائلته، ومنهم من يريد توسعة منزله بعد تزايد حجم عائلته.. فتفّهم العميد علي شحرور الموضوع، وكان أن أبلغنا باستئناف إدخال المواد بتصاريح مسبقة، ونحن الآن نعمل على موضوع مشروع الأونروا لترميم البيوت المتهتكة في المخيم».

رسائل بأنامل صغيرة

كل من يسكن المخيّم بات يشكو من الحال الصعب الذي آل إليه هذا المخيّم الذي احتضنهم منذ أكثر من 60 عاماً، وكان شاهداً على نكبتهم، وعلى تشرّدهم في الخيم، وعلى لحظات أفراحهم وأتراحهم.. فكان لأطفال المخيّم، أسوةً بشبابه، كلمات أرادوا إيصالها إلى العالم لينظر إليهم نظرةً ملؤها الأمل والحب..


«بدنا مخيمنا يضل آمن نحن صنّاع الحياة مش الإرهاب»، رسالةٌ رسم الأطفال حروفها من خلال ماراثون أقيم في مخيّم عين الحلوة الأسبوع الماضي، بمشاركة حوالى 210 أطفال جابوا شوارع المخيّم معلنين أنّ أحلامهم تكسر قيود المخيّم والفتن المحاكة ضدّه.. وكان للطفل يوسف حجير كلماتٌ جميلةٌ عبّر فيها عن أنّ مشاركته بالماراثون كانت من أجل المرح والترفيه ومن أجل إبلاغ العالم أنّ في المخيم شعبٌ يسعى أن يعيش كباقي الشعوب بأمن وسلام ريثما يعود لوطنه..

«وعندما وصلنا صيدا في العصر صرنا لاجئين» قالها غسان كنفاني منذ نحو خمسين عاماً في روايته «أرض البرتقال الحزين».. لقد اختصر كنفاني في هذه الكلمات عذابات اللاجئ الفلسطينيّ بأكملها! فقد وصل ذلك الفلسطينيّ إلى صيدا عند العصر، ليستقبله الغروب بعدها إلى أجلٍ غير مسمّى! هي ليست نظرةً تشاؤميّة، بل هي واقعٌ أليمٌ ينتظر فيه اللاجئ الفرج وطلوع الشمس من جديد..

شبكة العودة / هبة الجنداوي



السابق

هديل موعد.. لاجئة مكفوفة تحبّ الحياة

التالي

اتحاد الجاليات الفلسطينية: نجدد العهد لشعبنا في الوطن المحتل


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون