الجريح السوافيري .. يصعد إلى حلمه بلا أطراف
لا تعجزه أطرافه الثلاثة المبتورة عن مواصلة يومه بكل ثقة وهمةٍ عالية لا تعرف الكلل والملل، يواصل تعليمه، يداعب أطفاله، يقدم لطلابه كل ما بجعبته من علمٍ وقوةٍ وصلابة وصبر وجلد.
أحمد أسعد السوافيري (25 عاماً)، أصيب بجراحٍ بالغة إثر قصفٍ صهيوني استهدفه مع مجموعةٍ من رفاقه في منتصف إبريل عام 2008، الأمر الذي أدى لبتر قدميه وذراعه اليسرى وثلاثة من أصابع يده اليمنى، ليبقى معتمداً في كل حركاته على اثنين من أصابع يمينه ليعيشا معه حتى نهاية العمر.
قدوة حسنة
لم يكن حلم الجريح السوافيري بأن يصبح مدرساً للمرحلة الابتدائية في إحدى مدارس غزة، بل كان يتعدى ذلك إلى أن يصبح أكاديمياً كبيراً في إحدى جامعات غزة، وله في الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس قدوة حسنة، "كيف لا وهو قد قاد أمة بجسدٍ مشلول" كما يقول.
لكنه بدأ يخط لهذا الحلم بهمته العالية التي تتجاوز في علوها أصحاب الأجساد الصحيحة، حيث ينطلق إلى المدرسة القريبة من بيته بشكل شبه يومي لممارسة الساعات التدريبية التي تستوجبها عليه جامعته لاستكمال درجة البكالوريوس في كلية الآداب بجامعة الأمة.
حلم يتحقق
في مدرسة صفد الابتدائية للبنين شرق مدينة غزة بدأ المعلم أحمد -كما يلقبه تلاميذه- متحمساً لتقديم أول دروسه التدريبية في التربية الدينية لمرحلة الصف الثاني الابتدائي، مبدياً شعوره بالفخر والاعتزاز بأنه وصل إلى هذه المكانة.
يقول السوافيري لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" بعد برهةٍ من الراحة أثناء حصة التربية الدينية بعد أن ردد معه تلاميذه سورة الضحى: "الحمد لله أنّ حلمي بدأ يتحقق شيئاً فشيئًا، وها أنا أواصل المسيرة حتى أصل إلى ما أصبو إليه".
وعلى كرسيه المتحرك يتجاوز أحمد بسرعة صفوف الطلبة تحت أشعة الشمس الصباحية وهو ينادي فيهم بصوتٍ جهوري بهتافات الطابور الصباحي "أمَاماً مد .. جانباً ضع .. عالياً رفع .. أسفل خفض"، "ارفع رأسك .. اعتز بنفسك".
تغلب على الإعاقة
ورغم معاناة الجريح السوافيري في الصعود على الدرج ونزوله عنه والذي يعدّه الأمر الوحيد الذي يحتاج فيه إلى إعانة غيره، إلا أنه يؤكد أنه استطاع التغلب على إعاقته بنسبة كبيرة جداً، وأصبح يعيش حياة تتأقلم مع طبيعة الإصابة.
وينوي السوافيري -كما يقول- بعد الانتهاء من مرحلة البكالوريوس التسجيل في برنامج الماجستير حتى يحقق حلمه بالوصول إلى درجة أكاديمية عالية يستطيع معها التدريس في جامعات غزة.
ويقود الجريح الفلسطيني، سيارته التي تعمل وفق نظام يطابق حالته الصحية جهزها خلال فترة إصابته، وهو متزوج من إحدى قريباته والتي قد أنجب منها طفلين، وقد التحق عقب إصابته في العام 2008 بدبلوم "تأهيل دعاة ومحفظين" في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
أضف تعليق
قواعد المشاركة