يجلس الشاب بلال الدلو (26 عامًا) بين جدران ورشته الفنية الفارغة من الحديد الخاص بعمله، منتظراً بفارغ الصبر والأمل وصول أخيه الأصغر ببعض "أسياخ اللحام"، لإكمال أحد الأبواب الحديدية.

وأجبر الشابَ الدلو انقطاعُ أسياخ اللحام على توقفه عن عمله لمدة 57 يوماً متواصلة، بسبب ارتفاع أسعارها نتيجة انقطاعها من الأسواق المحلية.

وتمنع سلطات الاحتلال الصهيوني منذ عام 2006 توريد "أسياخ اللحام" إلى قطاع غزة، في خطوة من شأنها تدمير الاقتصاد الوطني بحجج أمنية واهية.

وبنبرة من الألم والحسرة يقول الشاب الدلو لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، إنه توقف عن العمل منذ حوالي شهرين، بسبب عدم قدرته على شراء أسياخ اللحام مرتفعة الأسعار إن وجدت.

ويضطر الفنّي للامتناع عن العمل للزبائن نتيجة نقص أسياخ اللحام لديه أو طلب توفيرها بأنفسهم لعمل ما يحتاجونه من أبواب وشبابيك حديدية، عدا عن استمرار انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر.

وترك الشاب العشريني دراسته الجامعية من أجل أن يعيل أسرته المكونة من 10 أفراد، موضحاً أنه لا يستطيع توفير قوت يومه عدا عن دفع مستلزمات العمل من إيجار المحل الذي دمرت أجزاء منه خلال الحرب.

وبسبب نقص أسياخ اللحام التي تعدّ الجزء الأهم في إنجاز عملهم، شُلت كامل حركة أكثر من ستة آلاف منشأة صناعات معدنية مختلفة في قطاع غزة، والتي تُعيل حوالي 20 ألف أسرة.

أسعار مرتفعة

التاجر أبو خالد يقول إن منع توريد أسياخ اللحام لقطاع غزة، أدى إلى ارتفاع كبير وقياسي في سعر سيخ اللحام الواحد ليصل إلى الدينار والنصف دينار أي ما يعادل أكثر من 6 شواكل في غزة، موضحاً أن سعر الكرتونة الواحدة وصل إلى ما بين 500 إلى 600 شيكل، بعد أن كان سعرها أقل من 30 شيكلا.

ويشير التاجر لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، إلى أن تجار القطاع وأصحاب المنشآت الصناعية اعتمدوا منذ عام 2006 على الأنفاق في إدخال ما يلزمهم من بضائع ومواد خام لعملها بسبب منع الاحتلال الصهيوني دخول أسياخ اللحام وبعض المواد الأخرى.

وتفرض قوات الاحتلال الصهيوني منذ ثمانية أعوام حصاراً مشدداً على قطاع غزة والذي تسبب في شلّ حركة عجلة الاقتصاد في القطاع بسبب منع مواد الخام اللازمة لكثير من الأنشطة الاقتصادية.

وحظرت قوات الاحتلال الصهيوني إدخال "أسياخ اللحام" إلى قطاع غزة بحجة أن فصائل المقاومة الفلسطينية تعمل على استخدامها في صناعة الأسلحة العسكرية.

وأثر منع إدخال أسياخ اللحام على عمل كثير من المنشآت الصناعية بغزة، والتي تتمثل في ورش الحدادة والألمونيوم التي تستخدم أسياخ اللحام في صناعة شبكات "الكمبوزيت"، ولا يحافظ سوى عدد قليل منها على العمل بشكل مقنن جداً في هذه المجالات، حسبما يقول عمرو حمد رئيس اتحاد الصناعات الوطنية.

ويوضح حمد، في تصريحات خاصة لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن قيام مصر بمحاربة الأنفاق ومنع إدخال البضائع والمواد الخام عبر المعابر الصهيونية دمر الاقتصاد الفلسطيني.

وأشار حمد إلى أن الاحتلال لا يسمح بإدخال إلا جزء بسيط من البضائع والمواد الخام للمشاريع الإغاثة الدولية.

السلطة مقصرة

ودعا حمد السلطة الفلسطينية بالعمل على الضغط على الجانبين الصهيوني والمصري من أجل السماح بإدخال المواد الخام للصناعات المعدنية والعمل على تحريك عجلة الإعمار لقطاع غزة.

ووصف دور السلطة في تلبية مطالب القطاع التجاري بغزة بأنها مقصرة في ذلك، قائلاً: "لا تحرك السلطة ساكناً من أجل خدمتنا، وإحنا عايشين في واد والسلطة في واد آخر".

وأشار إلى أن الاتحاد يخطط لإقامة فعاليات ومسيرات لمطالبة المجتمع الدولي بالعمل على فكّ الحصار عن القطاع والعمل على إعادة ما دمره الاحتلال من مصانع ومنشآت مدنية.