نساء غزة اللاجئات .. حياة متعددة الوجوه

منذ 10 سنوات   شارك:

في قطاع غزة الضيق، والذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً مربعاً ويسكنه حوالي 1.26 مليون لاجئ فلسطيني، من الصعب إيجاد وسيلة لكسب العيش الكريم وإعالة أسرة في ظل حصار إسرائيلي خانق مستمر منذ ثماني سنوات يقيد حرية حركة الأفراد والبضائع.

هذا ينطبق بشكل خاص على النساء في غزة اللواتي يتحدين بشكل مستمر تصور التوقعات التقليدية لدورهن في المجتمع، فهن يواجهن معركة صعبة: فالاقتصاد المنهار.

حيث يشير الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إلى وصول معدل العمالة الكلية إلى 47.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام 2014، وإلى 42.8 في المائة خلال الربع الرابع من نفس العام، والوضع الإنساني المتردي أديا إلى ارتفاع مستويات التوتر النفسي والشعور بالغضب بين سكان قطاع غزة، وهو ما أثر بشكل مباشر على حقوق النساء ودورهن.

إن النقص في الكهرباء والوقود، وانعدام الأمن الغذائي، والتلوث الحاد للمياه، إضافة إلى الشلل السياسي المستمر هي الواقع اليومي. وأحد آثار هذا الواقع هو زيادة العنف الأسري.

بحسب مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية (Palthink)، فليس من الغريب أن يتم توجيه الشعور بالإحباط بسبب الظلم نحو النساء.

لقد أدى واقع قطاع غزة إلى تغيير طريقة حياة الأسرة، حيث أصبحت العديد من النساء هن المعيلات لأسرهن، وهذه الزيادة في الأعباء على النساء لم تصاحبها زيادة في الحقوق.

مادلين كُلاب، 21 عاماً، المرأة الوحيدة التي تعمل في صيد السمك في قطاع غزة

فيما مضى، وفر البحر المتوسط الذي يطل عليه شاطئ قطاع غزة مصدراً للرزق لحوالي 8,000 أسرة. ولكن اليوم، مع حدود الصيد التي تفرضها إسرائيل، تكاد صناعة صيد الأسماك أن تندثر. فلا يُسمح للصيادين من الرجال والنساء بالصيد إلا في مسافة هي أقل من ثلث المسافة المخصصة لهم ضمن اتفاقية أوسلو: أي 6 من أصل عشرين ميلاً بحرياً.

والعمل في مهند صيد الأسماك للرجال والنساء يعتبر خطيراً، فالزوارق التابعة للبحرية الإسرائيلية تطلق النار باستمرار على الزوارق الفلسطينية التي ترى أنها قد اخترقت المنطقة المسموح بها للصيد، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع إصابات أو الموت.

ولكن رغم صعوبة صيد الأسماك في هذه المنطقة المغلقة، فإن مادلين كُلاب ذات الواحد والعشرين عاماً تعتلي قاربها وتبحر به كل يوم، وهي المرأة الوحيدة التي تعمل في صيد السمك في قطاع غزة، حيث بدأت في ممارسة الصيد مع أبيها في عمر الست سنوات فقط.

تقول مادلين: "البحر هو حياتي ومهنتي وهوايتي والمكان الذي أجد فيه نفسي"، فهي لا ترى أن كونها أنثى سبباً في منعها عن القيام بعملها.

سميرة صيام،55 عاماً، مدربة قيادة شاحنات من منطقة جباليا

باعتبارها واحدة من مدربات قيادة الشاحنات القلة في قطاع غزة، تقول سميرة صيام أنها واجهت وصمة كبيرة كونها تعمل في مجال يهيمن عليه الرجال عادة.

تقول صيام: "اعتاد الناس أن يقولوا أن هذه المهنة ليست للنساء، لقد كان المر صعباً جداًً؛ ولكن مع مرور الوقت بدؤوا بقبولي وبتقبل فكرة أنني كإمرأة أستطيع قيادة الشاحنات".

هذه اللاجئة الفلسطينية الفخورة بنفسها والتي تقوم بتعليم قيادة الشاحنات منذ ما يزيد عن 26 عاماً تعلم أن حالتها فردية، وأن قدرتها على القيام بعملها هذا ليس أمراً متاحاً للكثير من النساء في قطاع غزة، وتأمل سميرة بأن تعمل سائقة لدى الأونروا مستقبلاً.

لقد عانى قطاع النقل في قطاع غزة على مدى سنوات، فقبل فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة في العام 2007، كانت نحو 6000 شاحنة محملة تغادر القطاع سنوياً، بينما اقتصر العدد على 228 شاحنة محملة فقط خلال عام 2014.

وخلال عام 2014، بقيت حركة الصادرات من قطاع غزة إضافة إلى حركة الأفراد من وإلى قطاع غزة ممنوعة تقريباً. ولكن في 10 مارس 2015، قامت إسرائيل وللمرة الأولى منذ ثمان سنوات باستيراد الخضار والفواكه من قطاع غزة، كجزء من خطة محتملة لاستيراد 1,200 إلى 1,500 طن شهرياً من منتجات قطاع غزة.

ورغم أن هذا يُعد مؤشراً إيجابياً، إلا أنه لا يرقى إلى مطالب الرفع الكامل للحصار.

نور حلبي، 34 عاماً، مخرجة أفلام في مركز شئون المرأة في مدينة غزة

كمخرجة أفلام ومصورة في مركز شئون المرأة في مدينة غزة، تناضل نور حلبي، 34 عاماً، كل يوم من أجل أن تكون حقوق أخواتها من نساء غزة مسموعة ومحل احترام.

تقول نور، مشيرة إلى أوجه اللا مساواة الهائلة في المنطقة فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع المرأة مقارنة بالرجل، بأن القيم القبلية السائدة تفرض قيوداً حتى على المساواة في الحصول على الرعاية الصحية، والتعليم، والعمل. وتعلق نور قائلة: "هناك إجحاف كبير".

وتتابع: "الأوضاع السياسية والإقتصادية الضاغطة في قطاع غزة تؤثر أيضاً على عمل ودور المؤسسات الحقوقية، حيث تحتل حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة، منزلة أقل أهمية مقارنة بالأولويات الإنسانية العامة.

وبحسب مؤشر فريدم هاوس لعام 2014، فإن سكان غزة واجهوا على مدار العام قيوداً جادة على الحريات المدنية مثل حرية الصحافة، حرية التجمع والانتساب، أو حرية الاستقلال الشخصي، والحقوق الفردية.

فاتن حرب، 41 عاماً، مختارة، قطاع غزة- المنطقة الوسطى.

بحكم عملها كمختارة (قاضية شعبية عرفية)، فإن فاتن حرب تعمل على تحقيق العدالة وحل النزاعات بين أفراد المجتمع، وهي واحدة من النساء القلائل اللائي تم قبولهن في هذا العمل الذي يتمتع بالكثير من الإحترام بين أفراد المجتمع، وقد خضعت فاتن لتدريب مكثف لتطوير معرفتها القانونية ومهارات التفاوض لديها.

وبينما هي الآن تجلس على قدم المساواة مع زملاءها من المخاتير الرجال، فقد كان هذا مهمة شاقة بالنسبة لها في البداية؛ تقول: "في البداية كان صعباً جداً أن يتم قبولي في عملي هذا، ولكنني لم أستسلم وقمت بإثبات نفسي".

تقول أنها الآن قائدة اجتماعية محل احترام؛ تقول: "في بعض الأحيان يتوجه المخاتير الرجال إلي ويطلبون مني المساعدة". وتقوم النساء غالباً باللجوء إليها وإلى وسيطات أخريات بشكل دائم في قضايا مثل الميراث، والطلاق، والعنف الجنسي.

وبحسب مؤسسة بال ثينك للدراسات الإستراتيجية وبيانات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء (لعام 2011)، فإن أكثر من 51.1 في المائة من النساء اللائي خضن تجربة الزواج تعرضن للعنف من قبل أزواجهن، وأن 34.8 في المائة منهن تعرضن للعنف البدني، و14.6 في المائة تعرضن للعنف الجنسي.

وبحسب مؤسسة بال ثينك أيضاً، فإن العنف المتصاعد ضد النساء مرتبط بالوضع السياسي والإقتصادي الضاغط.

سميرة حسن محيسن، 59 عاماً، مالكة مشروع تجاري في مدينة غزة

تجلس سميرة حسن على مكتبها داخل محلها التجاري وهي تطالع في أوراق الحسابات الخاصة بالمحل.

تقول سميرة: "قبل عشرين سنة بدأت بمبلغ 200 دولار أمريكي فقط، واليوم أنا أملك محل بيع وتوزيع بالجملة في مركز مدينة غزة الذي يعج بالحركة، وأفكر أيضاً في التوسع في عملي".

وحسبما قالت، فإن البدء في هذا المشروع كان: "وبكل بساطة، لابد منه"، لأنه وكما تقول: "كان عليها أن تعيل أسرتها". ولم يكن هذا سهلاً عليها.

فحتى قبل صراع الصيف الماضي، كان الإقتصاد في غزة مدمراً نظراً للحصار الإقتصادي الذي تفرضه إسرائيل والذي مرت عليه الآن ثمان سنوات.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الإقتصاد في غزة يعتبر من بين الأقل استقراراً في العالم، وأن أكثر من 57 في المائة من البيوت في غزة تفتقر إلى الأمن الغذائي. إن ما يقارب من 868,000 من اللاجئين الفلسطينيين (ما نسبته 65 في المائة من اللاجئين) يعتمدون على المعونة الغذائية من الأونروا، بينما في العام 2000 كانت النسبة 10 في المائة فقط.

أم رمزي عايدة حلس، 42 عاماً، عاملة في أحد مخازن الأونروا

يسعى برنامج الأونروا لخلق فرص العمل والذي يعتمد على مبدأ النقد مقابل العمل لزيادة فرص العمل المتاحة للنساء الفلسطينيات اللاجئات. في أحد مراكز تخزين الأغذية التابعة للأونروا وسط مدينة غزة، تقف مجموعة من النساء مصطفات جنبا إلى جنب ويقمن بقياس ووزن أكياس الأرز استعداداً لتوزيعها.

وبحسب المتداول، فإن معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين قد تعدى النصف. تقول أم رمزي (تظهر في يمين الصورة): "لم أتوقع من قبل أن أقوم بكسب راتب خاص بي".

بعد أن تعرض منزل أم رمزي للتدمير خلال الصراع الأخير، وجدت أم رمزي نفسها وعائلتها يلجئون إلى أحد مراكز تجمع النازحين التابعة للأونروا للحصول على الملاذ.

ولقد وفر راتبها الجديد مصدراً مالياً للعائلة جعلها قادرة على استئجار منزل وترك مركز الإيواء. تقول أم رمزي: "الآن عندما يطلب مني أولادي أي شيء مثل الطعام أو أغراض المدرسة أو الملابس أشعر شعوراً جيداً بأني أستطيع أن أوفر لهم كل هذا، قد لا يبدو العمل الذي أقوم به إلا تكديس المواد الغذائية بيدي، ولكنه يُشعرني مع هذا بأنني موجودة، وأنني قادرة على العمل، وأنني كفلسطينية قادرة على أن أكون مستقلة وقوية التحمل". وقوة تحمل نساء غزة كبيرة جداً، فبحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن 489 من الإناث قتلن، و3,537 أخريات جرحن خلال الأعمال العدائية في عام 2014.

وقد وثق التقرير أيضاً المئات من حالات الحمل التي تأثرت بسبب الهجمات، حيث لم تقم إسرائيل بتوفير لا الحماية ولا الممرات الآمنة للنقل للمستشفى.

مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة يقول أيضاً أن صراع الصيف الماضي أدى إلى نزوح 34,697 إمرأة فلسطينية من منازلهن بعد أن تم تدميرها، بينما فقدت 791 إمرأة أزواجهن بسبب الأعمال الحربية.

 

 

 

 



السابق

فعالية للتزلج بالعجلات لمدارس الأونروا في أريحا

التالي

مخيم شعفاط.. معاناة العشوائية السكنية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون