دخل ضابط متقاعد برتبة عميد إلى مستشفى الدكتور خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين مساء الأربعاء الموافق الحادي عشر من الشهر الجاري، من أجل إجراء صورة طبقية لأحد أقربائه متجاوزا قائمة التسجيل والانتظار، عادًّا أن له الحق في أن يجبر الأطباء على العمل وفق ما يرتئيه.

وبحسب المصادر والشهود العيان الذين رووا لمراسلنا تفاصيل الحادثة؛ فإن الطبيبين أنس فطافطة وسعيد عوايصة، والمسؤول عن هذا الموضوع أخبر الضابط بالإجراءات، ولكن الضابط لم يعجبه حديث الطبيبين، فما كان منه إلا أن كسر يد طبيب وضرب آخر واثنين من العاملين في القطاع الصحي واستدعى رجاله ليفتحوا جبهة عسكرية داخل المستشفى الذي شهد إطلاق نار وبلبلة قبل أن يتم السيطرة على الموقف.

وبحسب بيانات وزارة الصحة وإدارة المستشفى؛ فإن إصابات مباشرة وقعت في الكادر الطبي عدا عن الضرر النفسي والمعنوي والضرر بالمعدات للتعامل بهذه الطريقة مع الكوادر الطبية من قبل من يفترض أنه حارس القانون.!

ولم تكن هذه الحادثة استثناء؛ فقد سبقها عديد حالات لاعتداءات متكررة من عناصر في الأجهزة الأمنية حتى وهم على رأس عملهم على طواقم طبية لأنهم يريدون أن يسير الأطباء وفق مشيئتهم.

وكانت إدارة مستشفى رفيديا في نابلس سجلت خلال عام 2013 لوحده خمسة اعتداءات لعناصر في الأجهزة الأمنية على كوادر طبية داخل المستشفى.

لمجرد أنه ضابط!!

وتعيد حكاية مستشفى جنين ما قام به ضابط بالشرطة في مستشفى رفيديا في نابلس قبل عام ونصف حين كان أحد أقاربه يمكث في غرفة العناية المكثفة، فأخبره الأطباء بأن عليه الخروج من الغرفة لأنه يعيق عملهم، فأخبرهم بأنه لن يخرج لأنه ضابط في الشرطة.

وبحسب تلك الحادثة؛ فإن الضابط وبعد سجال مع الأطباء حول ضرورة خروجه من غرفة العناية المكثفة أشهر مسدسه ووجهه نحو الأطباء، وأطلق رصاصة داخل غرفة العناية المركزة كادت تقتل طبيبا وأحد المرضى.

أين دور الأجهزة الأمنية؟

وكان الممرض في قسم العناية المكثفة في مستشفى رفيديا مصطفى أبو رعد والذي كان جزءا من حادثة الشرطي قال في شهادته عقب حادثة مستشفى رفيديا السابقة: إن شرطي الحراسة في المستشفى، قال عندما تم استدعاؤه لإخراج الضابط بأنه لا يستطيع أن يخرجه، لأن الأخير (الضابط) أعلى منه رتبة عسكرية، لذلك تم الاتصال بغرفة العمليات في الشرطة، والتي حضرت بعد نحو نصف ساعة.

وكذلك بحسب روايات شهود عيان؛ فإن ذات الأمر تكرر أكثر من مرة في مستشفى جنين ورفيديا وغيرها من المؤسسات الطبية وغير الطبية، حيث يسهل رجال الأمن المكلفون بالحراسات تجاوزات زملائهم ويتراخون في التعاطي معهم على عكس ما لو كانت الحادثة مع مواطنين عاديين.

مطالبات بحماية أكثر فاعلية

وقد نظم العاملون في المستشفيات الحكومية اعتصامات وإضرابات متعددة للمطالبة بوقف الاعتداءات بحقهم وتوفير حماية ملائمة للمرافق الطبية.

وعقب حادثة الاعتداء على مستشفى جنين الأخيرة طالبت نقابة الأطباء بضرورة حماية المؤسسات الصحية والطواقم الطبية العاملة في المستشفيات الحكومية من الاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها.

وأكدت على ضرورة قيام الحكومة بتوفير قوة أمنية مشتركة لحفظ الأمن والأمان من أي اعتداء على حرمة المستشفيات.

كما طالب مدير عام المستشفيات في الضفة الطبيب محمد أبو غالي بفرز قوة أمنية إضافية للتدخل في حماية المؤسسة الصحية من العابثين.

وأردف أن هناك اتفاقية مع وزارة الداخلية لحماية مؤسسات وزارة الصحة كاملة، وتم تطبيق القرار فقط في مستشفى رام الله الحكومي، مطالبا بتعميمها على باقي المستشفيات.

وطالب رئيس نقابة التمريض في المهن الطبية حسين قبها بتوفير الحماية للطواقم الطبية، مؤكدًا أن العاملين في مستشفى جنين سيواصلون احتجاجاتهم عن العمل حتى يتحقق ذلك.