أبو عصام أقدم حرفي في مخيم برج الشمالي يناضل من أجل البقاء

منذ 11 سنة   شارك:

رجل في العقد السابع من عمره، يجلس أمام دكانه متأملاً ما بقي ألواحها المعدنية المهترئ (الصفيح) ومياه الشتاء تخرقه، فتبلل ما بداخله... دكان يخفي الكثير من أسرار الحرفة، بل ويخفي الكثير من أسرار المخيم، ورجل يتألم على ما فات وعلى آماله التي بقيت آمال. هو أبو عصام والمعروف وسط مخيم البرج الشمالي بـ فوزي. إسكافي منذ القدم ويعتبر الحرفي الوحيد داخل المخيم في هذا المجال.

مشواره الحرفي...

المشوار الطويل استمر 64 عاماً من عمره، بدأ رحلته الحرفية بعد نكبة عام 1948، كان في العاشرة من العمر عندما هاجر وعائلته من قريته لوبية في فلسطين ليستقر في عنجر وهناك كانت البداية في تعلم الحرفة، حيث استمرت الفترة التعليمية سنة كاملة لينتقل بعدها وعائلته للعيش في مخيم البرج الشمالي. ومشواره الحرفي بدأ في المخيم بصعوبة كبيرة فهذا الرجل لم يملك مقومات البدء بمهنته بالرغم من تواضعها غير أن المساعدة التي قدمتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ساعدته بالاستمرار، حيث قدمت الوكالة له المواد اللازمة للبدء بعمله الذي سيعتاش منه بالإضافة الى الدكان.

عطاؤه امتد إلى الشهادة

اعتاش أبو عصام من مهنته تزوج وأنجب أربعةً من الأبناء، قدَّم ابنه البكر عصام شهيداً في الناعمة بعد دخول القوات الصهيونية إليها، لم تقف هذه الحادثة عائقاً في طريقه مصراً على تعليم أبنائه ليس مهنته وحرفته وإنما تسجيلهم في المدارس ليدرؤوا عن أنفسهم غدر الزمان. سعى وراء رزقه وتفانى طيلة حياته فعلم ابناؤه من المهن ما تيسر.

يتمنى هذا الرجل أن تكون نهايته كما بدايته بين أدوات حرفته التي أحبها وأخلص لها ولم يخجل قط منها، فحال دكانه اليوم يغيب حلمه في المستحيل، فقد اضطر إلى نقل أدواته إلى منزله بعيداً عن الدكان بسبب مياه الشتاء التي لم تترك مكاناً إلا وبلَّلته لتتحول الدكان إلى خرابة. والمفارقة هنا أنها وبالرغم من حالتها السيئة فإنها لا تزال مقصداً لأبناء المخيم، مهمم بقصد مهني وآخر للوقوف على أطلال الماضي. فحديثة يستحضر الماضي، وينبؤ بغدٍ مشرق، وأحلام تتحقق، وربيع مزهر... كل ذلك لا وصفاً للحال ولكن استذكاراً لماضيه...

تواضعه امتد حتى أمنياته

جل ما يتمناه أبو عصام هو بناءٌ بسيط لدكانٍ يمكنه من قضاء آخر أيام حياته في المكان الذي أحب، فيصنع منه دكاناً ومنزلاً لا يبارحه ليلاً أو نهاراً يجمع بها ويستقبل فيها كل من أحب وكل من أحبوه، فدكانه المتواضعة لا تزال مقصداً من أهالي المخيم غيرأن حالها جعله يتوقف عن صناعة الأحذية التي لطالما أحبها مقتنوها. يقف أبو عصام متأملا ما أبقاه الزمان له قائلا "ليتني أمتلك القليل من المال لأبنيها من جديد وكي أتمكن من شراء المواد الأولية اللازمة للاستمرار... فهذا الشيء الوحيد الذي يريحني ويفرحني".

هي الأيام مرت لكنها لم تمح بسمة أبو عصام ولا بريق عينيه الغائرتين، هي الأيام أخذت منه شبابه وعمره لكنه يرفض أن تأخذ منه ما حرفته التي لا يعلم أسرارها أحد غيره في المخيم. والسؤوال هنا هل ستفتح الحياة ذراعيها له فترسل له من غيبها من يساعده في بناء فرحه وحلمه الأخير في هذه الدنيا التي منحها ريحانة عمره؟

المصدر: فاطمة الحداد - شبكة لاجئ نت









السابق

الاحتلال يهدم قرية فلسطينية شرق النقب المحتل

التالي

عشرات الإصابات خلال قمع جنود الاحتلال لمسيرات الضفة السلمية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية انتزاع الحرية من سجن شطّة 1956!

في أروقة الأسر والسجون، حيث يلتقي الألم بالعزيمة، يعيش الإنسان بين جدران باردة لا تعرف الرحمة، ومعاناة لا تنتهي.  هناك، خلف قضب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير