أطفال القدس.. براءة أنهكها الاعتقال والتعذيب "بالمسكوبية"

منذ 10 سنوات   شارك:

 القدس المحتلة – رنا شمعة – صفا: في زنزانة صغيرة داخل معتقل "المسكوبية" الواقع غربي القدس المحتلة، مساحتها لا تتجاوز بضعة أمتار، تفتقر لأدنى مقومات الحياة، مكث القاصر نور شلبي لمدة 14يومًا، تعرض خلالها لتحقيق قاسٍ وهو مقيد اليدين والقدمين، ولحرمان من النوم والراحة لساعاتٍ طويلة، ما أثر على نفسيته وحياته.

ومركز تحقيق "المسكوبية"، وخاصة غرفة (4) من أسوأ مراكز التحقيق، وتصفها مؤسسات حقوقية بأنها "مسلخ للطفولة الفلسطينية"، إذ يتفنن المحققون فيها بتعذيب الأطفال ويستغلون براءتهم بهدف انتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتحت الضغط.

ويتحدث شلبي (16عامًا) لوكالة "صفا" عن تجربة اعتقاله، قائلًا "قبل شهرين تقريبًا اقتحمت قوات الاحتلال منزلنا في البلدة القديمة، وقامت بتكبيل يدي، وتعصيب عيني، وزجي في جيب للشرطة بطريقة همجية، ومن ثم تم نقلي إلى سجن المسكوبية".

وبألم شديد، يضيف "تم التحقيق معي داخل غرفة رقم (4)، وفي الزنازين لمدة 15 ساعة متواصلة، وأحيانًا 22 ساعة، تعرضت خلالها للشبح والضرب والإهانة، والضغط الشديد لانتزاع الاعترافات مني، وكذلك التعذيب النفسي، والمعاملة القاسية".

"ووجه المحقق لي تهم كثيرة منها إلقاء الحجارة على قوات إسرائيلية، والدفاع عن الأقصى والقدس، وبعد انتهاء التحقيق معي جرى وضعي في زنزانة ضيقة لا يتجاوز مساحتها متر ونصف لمدة (14يومًا)، ولا تصلح للعيش".

قساوة الاعتقال

وذاق شلبي داخل الزنزانة قساوة الاعتقال والحرمان، دون أن يعرف الوقت، ودون السماح لأهله بزيارته، حتى تم الإفراج عنه، بشرط الحبس المنزلي وبكفالة مالية.

وبحسب رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب، فإن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 700 قاصر من القدس خلال عام 2014، غالبيتهم تعرضوا لتحقيق ولتعذيب قاسٍ في غرفة رقم (4).

ويشكل أطفال القدس هاجسًا كبيرًا للاحتلال وأمنه، باعتبارهم الشريحة الأكثر فاعلية ومشاركة في مقاومة إجراءاته وانتهاكاته بحق القدس والأقصى، كما يقول أبو عصب.

ويشير إلى أن الأطفال يخضعون في المسكوبية للتحقيق دون وجود أهاليهم أو حتى محامي، يتعرضون خلاله للبطش والقمع والضغط، في انتهاك وخرق واضح للقانون الدولي.

حقوق منتهكة

ولا يختلف حال محمد أحمد العباسي (17عامًا) كثيرًا عن شلبي، فهو الآخر تعرض لأعنف وسائل التعذيب والتنكيل بالمسكوبية، وذلك في انتهاك واضح لحقوق الطفل التي نصت عليها كافة الاتفاقيات والقوانين الدولية.

ففي 28 يناير 2013م، اقتحمت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال منزل العباسي في عين اللوزة ببلدة سلوان، لكنها لم تجده، فسلمت عائلته بلاغًا بمراجعة المخابرات في "المسكوبية"، كما يقول لوكالة "صفا".

ويضيف "ذهبت أنا ووالدي ووالدتي لمركز الشرطة، وهناك تم اعتقالي دون معرفة السبب، والتحقيق معي في غرفة رقم "4" لمدة ساعة بحضور والدي، ومن ثم أخرجوه للخارج، وواصل المحققون التحقيق معي لمدة 6 ساعات متواصلة، وأنا مقيد اليدين والقدمين".

و"خلال التحقيق قام أحد المحققين بضربي على رقبتي ووجهي بقسوة وعنف، ووجه لي الشتائم والإهانات، وتهمة إلقاء الحجارة والمفرقعات على قوات الاحتلال، وحاول الضغط علي لانتزاع الاعترافات مني بقوة، وتهديدي باعتقال أحد من أفراد عائلتي، كما تم تعريتي، وربطي بأحد الأسرة داخل السجن لعدة أيام".

ومكث العباسي بالمسكوبية ثلاثة شهور ونصف، ومن ثم نُقل إلى سجن "مجدو" وبعدها "هشارون"، حتى أفرج عنه في بداية يناير الجاري بعد اعتقال دام عامين، بشرط عدم السفر للخارج والضفة الغربية.

وتبقى مشاهد الاعتقال والتحقيق راسخة في أذهان غالبية الأطفال المقدسيين الذين يتم اعتقالهم، مما يؤثر على نفسياتهم وسلوكياتهم حتى بعد خروجهم من عتمة السجن، ومنهم من يفضل العيش في عزلة، ومنهم من يفقد الثقة بمن حوله.

انعكاسات خطيرة

يحيي عوض (17عامًا) واحدًا من هؤلاء الأطفال الذين لا يزال شبح الاعتقال والتنكيل يطاردهم في نومهم وأحلامهم، حتى تحولت أحلامه الوردية إلى كوابيس مزعجة باتت تراوده كل ليلة، وتُحرمه أحيانًا من النوم لساعات طويلة.

يقول لوكالة "صفا" :"ما تعرضت له خلال فترة التحقيق بغرفة رقم (4) شيء بمنتهى القسوة والوحشية، تمثلت في شبحي لمدة يوم كامل، ووضعي على كرسي صغير وأنا مكبل اليدين والقدمين ليوم كامل، وضربي على رأسي ورقبتي وظهري بعنف، حتى أصبت بالإغماء من شدة الضرب، وأصبحت أعاني من آلام حادة بالمفاصل والرقبة والظهر".

ويضيف "وجهت لي الشتائم والألفاظ البذيئة، وكنت أسمع أصوات صراخ لا أعلم مصدرها، وهذا ما كان يزيد خوفي"، لافتًا إلى أنه مكث بالتحقيق لمدة أسبوعين لا يعرف للنوم راحة، ولا للأكل ولا للشرب طعمًا.

ووجه المحققون له عدة تهم تمثلت في "إلقاء الحجارة على أحد أفراد الشرطة، قطع الكهرباء عن البلدة، وتحريض الأطفال والشبان على إلقاء الحجارة على الشرطة، بالإضافة إلى الدفاع عن القدس".

ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بالإفراج عنه بعد شهرين من الاعتقال، لكنها فرضت عليه الحبس المنزلي لمدة 11 شهرًا، ومنعته من دخول الأقصى، واشترطت عليه عدم الخروج من المنزل بعد الساعة التاسعة مساءً، حتى أصبح يعيش أوضاعًا صحية ونفسية سيئة، أثرت على حياته ودمرت مستقبله التعليمي.

ولكن رغم الاعتقال والتعذيب، يُصر أطفال القدس على مواصلة مسيرتهم في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل، والدفاع عن مدينتهم ومسجدهم حتى دحر هذا المحتل بالكامل.



السابق

المطران حنا: مفاوضات التسوية "أضحوكة كبرى"

التالي

قرار صهيوني بمصادرة 500 دونم غرب الخليل


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

فايز أبو عيد

قراءة في رواية طوفان القلوب للكاتب د. هيثم شبلخ

ثيمة رواية طوفان القلوب التي بين يدينا، ثيمة صراع أزلي بين الحق والباطل، بين أصحاب أرض يدافعون عنها لاستعادتها، وبين مغتصب لا يت… تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون