تمنّوا لها الغرق

"غزة" تنفض من الموت لتنبض بالحياة

منذ 10 سنوات   شارك:

 "إذا أردت شخصاً أن يموت, تقول له: اذهب إلى قطاع غزة"، قالتها "تسيبي ليفني" زعيمة حزب "كاديما" المعارض لسياسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في ردّ لها على أحد قادة السلطة الفلسطينية، في إشارة منها إلى اعتبار قطاع غزة "جحيماً".

وهنا نتذكر مقولة رئيس وزراء الاحتلال الأسبق اسحاق رابين, عندما قال: "أتمنى أن أستيقظ صباحاً فأجد البحر قد ابتلع غزة"، ولم يكتفِ قيادات الاحتلال الإسرائيلي بالتمني, بل سخّروا ميزانية "دولة" للحرب على قطاع غزة, هذا الشريط الحدودي المحاصر، وفرضوا عليه "الحصار" واعتبروه "كيانًا معاديًّا"، وحاربوه في رزقه ومنعوا تصدير منتجاته ولم يسمحوا لغير المساعدات الإنسانية بالدخول إليه.

ومع كل هذا وذاك، ها هي مدينة غزة تنفض غبار الموت الذي أرادوه لها، لتنبض أزقتها بالحياة، وتصدح طيورها بأغاريد الصباح، لتقول للعالم: إني هنا باقية ما بقي على أرضي مجرى تسير فيه الرياح.

المشهد الأول

في حلقة اليوم من "مشاهدات", رصدت عدة أماكن من قطاع غزة، لتطلعك عزيزي القارئ على وجه الحياة فيها وعنفوان أهلها الذين طلبوا الموت حتى منحهم الله الحياة، وها هو رابين "قُتل"، و"أرئيل شارون" رئيس وزرائهم السابق ومُفجِّر انتفاضة الأقصى "مات"، وبقيت غزة الجريحة على قيد الحياة تلملم جراحها وتجند أشبالها "طلائع التحرير" لمعركة التحرير المقبلة.

نعم؛ هنا غزة، هنا نبض المقاومة ورمز البقاء، هنا رجال صدقوا الله ما عاهدوه عليه، وتصدوا لآلة حرب الاحتلال بصدورهم المتسلحة بالإيمان، فذادوا عن الوطن وحموه, ورغم كل الخسارة اندحر الاحتلال صاغراً، وحتى يومنا هذا لا يزال يعترف بخسائره المتوالية سواء على لسانه جنوده أو من خلال التسريبات التي تصل إلى وسائل الإعلام المختلفة.

واليوم, تقف غزة مثل شوكة بين فكي الأسد، لا هو قادر على كسرها ومضغ عظامها ولا هو قادر على تفلها والتخلص منها، لتبدو توقعات الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس، محققة بأن يزول الاحتلال خلال السنوات القليلة المقبلة.

المشهد الثاني

لعلي انجرفت خلف تفاؤلي قليلاً, لكن لا تلوموني فهذه "غزة"، وهذا منفذها الوحيد إلى العالم, فضاؤه حرّ وماؤه مسيجة بطرادات تحدد مسافة الصيد، تلك المسافة المزاجية التي يتحكم بها جنود بَحْرية الاحتلال, متحللين من أي عهد أو اتفاق وإن كان دوليًّا.

هؤلاء ثلة من صيادي غزة، يحملون آمالهم ودعواتهم بالحصول على رزق وفير, ويركبون البر متوكلين على الواحد الرزاق الذي يرزق الإنسان كما يرزق الطير.

حملتهم الأمواج إلى عرض البحر، وهناك تمايل قاربهم يمنة ويسرة وشباكهم تنتظر أن تنقض على فريستها، ألقوها أنْ "بسم الله"، فجذبتها الأمواج بعيداً قليلاً, وبين الفينة والأخرى تقفز وكأن إحدى السمكات العالقة في هذه الشباك تحاول الفرار، ومن يفرّ من بحر غزة؟!.

نوارس البحر حلقت بكثافة وعلى ارتفاع منخفض جداً، تلتقط ما تستطيع مما جاد به البحر على الصيادين من سمك ألقوه على سطح قاربهم، في مشهد يؤكد لنا أن من شدّ الأشداق تكفل لها بالأرزاق, وأن ما يجري في قطاع غزة هو لحكمة إلهية، وأن الله رازقهم مهما بلغ وعتا الحصار عليهم.

المشهد الثالث

أما هنا فحدث ولا حرج، هنا مكان يلفظ اسمه الغزيون في اليوم ما يزيد على ثلاث مرات، لدرجة أن أطفالهم الذين بالكاد ينطقون يذكرونهم كلما وصل التيار الكهربائي إلى المنازل وكلما تم فصله، في الحالتين هي موجودة على الألسنة بل وعلى الأفئدة أيضاً, سيما وأن حياتهم ارتبطت بها، فكان حضورها حضوراً للعمل وصناعة الخبز وغسل الملابس ومشاهدة التلفاز .. وغيرها من مشاغل الحياة اليومية العادية لأي إنسان على وجه الأرض، لكنها عند الفلسطينيين وخاصة الغزيين مقتصرة على 6 أو 8 ساعات فقط.

إنها محطة توليد الكهرباء وسط قطاع غزة، تلك التي أسرت اهتمام العامة, فكانت أخبارها سيرتهم، وذخرها بالوقود محط سريرتهم، أما عجزها فكان عنوان نقمتهم على من تسبب بإعطالها وعجزها عن التشغيل بكامل قدرتها, والتي لا تكفي لتغطية قطاع غزة بالكامل لولا دعم الخطوط المصرية و(الإسرائيلية) لبعض المناطق فيه.

وحالها اليوم يُبقي سكان قطاع غزة أسرى جدول الكهرباء المتأرجح، حسب مدى توافر الوقود اللازم لتشغيلها والذي عادة ما تسعفها به المنحة القطرية.

المشهد الرابع

هنا لمحة أخرى من يوميات وطني، حيث لا تزال العشرات من العائلات الغزية تعيش في المدارس التعليمية، بعد أن هدم الاحتلال منازلهم ولم يعد لهم مكان يأوون إليه غير هذه المدارس غير الحكومية, والتي تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

لجوء يتلوه لجوء, وحال عسير يتلوه حال أعسر، والاحتلال الإسرائيلي يعتقد أنه بموت الكبار سينسى الصغار أرضهم، ولم ينتبه أنه تسبب للأطفال بمعاناة لن ينسوها, وسيبقى حديث الجد للحفيد والولد: "كنا هنا وكان لنا منزل هدمه الاحتلال الذي غزا أرضنا, وأعلن عن وجوده عليها في شهر أيار من عام 1948".

فهذه الطفلة لن تنسى هذه الحياة، خلف الحواجز الزرقاء والحبال المخصصة لنشر الغسيل، هنا فقر وضياع وقلة حيلة، وهنا ذاكرة وإصرار وعهد بالعودة وإن كانت بعد حين.

المصدر: فلسطين أون لاين



السابق

المطران د. عطا الله حنا: حق العودة أهــم من القدس والحل .. دولة واحدة

التالي

رضيع يقضي بسبب الحصار في مخيم اليرموك وطفلة تقضي بسبب القصف على مخيم درعا


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون