محاولات شبابية لإعادة إحياؤها
أسواق الخليل القديمة.. حيوية يقتلها الاستيطان
وكأنها ساعات منتصف الليل في وضح النهار داخل أزقة البلدة القديمة بالخليل؛ مفارقات تدلل على حجم الترهيب الممارس من قبل الاحتلال والمستوطنين، ففي بداية الأسواق من باب الزاوية لعشرات الأمتار تجد المئات من المواطنين والحركة النشطة حتى تنقطع تلك الحيوية فجأة لتبدأ حكاية القهر والمحال المغلقة، وإن فتح أصحابها أبوابها فالمشهد يخفي الكثير من أسباب الظلم.
تجارة حزينة
ويتعرض الأهالي في الخليل القديمة وجوار الحرم الإبراهيمي الشريف للكثير من الانتهاكات لدفعهم على الرحيل، الأمر الذي يتضرر منه كل جانب من جوانب الحياة اليومية في أزقتها؛ ومن أبرز تلك الجوانب التجارة التي هي عماد الحيوية والنشاط وإحياء المنطقة.
ويقول التاجر جمال مرقة صاحب محل للمطرزات والمشغولات اليدوية في البلدة القديمة لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "نحن نملك محلنا منذ 66 عاما، وشهدنا كل التغيرات الجذرية فيها؛ فبعد أن كانت البلدة القديمة وأزقتها منارة تجارية مهمة في معالم الخليل، وكل أهالي مدن الضفة وغزة يتسوقون منها بالمواد الغذائية ويصلون في الحرم الإبراهيمي؛ تحولت إلى منطقة أشباح تفتقر للمارة والمتسوقين طوال النهار إلا من بعض حركة خفيفة في ساعات الصباح، ثم تعاود إلى وضعها الذي اعتادت عليه منذ أكثر من 20 سنة، حيث مجزرة الحرم وسقوط الشهداء، والآن فقط يأتي بعض الأجانب ليبتاعوا".
ويضيف مرقة بأن وسائل الإسناد والدعم للتجار والأهالي ليست كافية لتعزيز الصمود، وإنما يجب العمل على ردع المستوطنين الذين ينتشرون بالآلاف يوميا في شوارع البلدة القديمة، ما جعل الحركة تخف كثيرا؛ حتى أن قوات الاحتلال تمارس الدور نفسه باللباس العسكري، والضحية هو المواطن الذي يتسوق في أقدم المحال التجارية التي تضم الكثير من الأصناف المشهورة التي كانت تجعل آلاف المواطنين يزدحمون يوميا هناك.
ويتابع: "رغم كل التضييقات والخناق المفروض علينا إلا أننا مصممون على البقاء في محالنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا؛ فهذه أرضنا ولن نتخلى عنها".
وفي ذات السياق، تقول المواطنة أم حسن طه من دورا جنوبا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "كنا قديما نذهب إلى البلدة القديمة، وما كان يعرف بمنطقة خزق الفار والشلالة ونتسوق ولا يوجد أي تحرك من المستوطنين بحق الأهالي، وكان هناك نوع من الراحة والأمان".
تتابع: "وبعد أن تطورت الأحداث وتكاثرت اعتداءات المستوطنين برش مياه النار والقاذورات وخلع الحجاب وإطلاق الرصاص صوب المواطنين، بدأنا نتخلى عن الذهاب هناك، رغم أن بعض التجار يفتحون المحال التي كنا نرتادها لشراء الحاجيات ولكننا استعضنا عنها بمحال في مناطقنا، كما أنا الآن نتسوق من دورا".
مبادرات الحياة
وتغلق المئات من المحال التجارية في البلدة القديمة أبوابها ليصبح المكان وكأن منعا للتجوال عمه منذ زمن ليحارب المواطنون في مسكنهم ورزقهم وحياتهم اليومية، تارة على يد المستوطنين، وتارة أخرى على يد الجنود وسط مبادرات لإنعاش السوق وإعادة الحيوية له.
من جانبه يقول هشام الشرباتي من لجنة الدفاع عن الخليل لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "إن هناك مبادرات عديدة تطلق بين الفينة والأخرى لإنعاش البلدة القديمة ولكنها غير مكتملة ولا تلامس الواقع بشكل جدي، حيث إن إنعاش البلدة القديمة يتطلب الكثير من الأمور التي يمكن تطبيقها".
ويوضح الشرباتي بأن إحياء البلدة القديمة يتطلب وجود مواصلات سهلة تمكّن المواطن من الوصول إليها وتوفر الخدمات العامة والأمن، ورغم أن الاحتلال هو المسؤول الرئيسي والأول عن الأوضاع الصعبة في البلدة، إلا أنه على الصعيد الفلسطيني يمكن تقديم العديد من الخدمات وإزالة العراقيل.
ويبين بأنه من أبرز العقبات التي تحول دون إنعاش أسواق البلدة القديمة، أن هناك ازدحاما شديدا وبسطات أدت لإغلاق الطريق اتجاه البلدة، وهو شارع الشلالة القديم والجديد، كما أن هناك غيابا للأمن في البلدة القديمة، وعدم اهتمام بهذا الجانب، والخدمات لا تقدم بشكل دوري كالساحات العامة ودورات المياه وكل هذا جعل الحركة في البلدة قليلة جدا.
أضف تعليق
قواعد المشاركة