وحدة حال تجمع بين لبنان وفلسطين، عدوَ واحد وصرخة الم ووجع اطلقها اطفال الجنوب وغزة. اما في لبنان تجمعهم لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وهي هيئة حكومية تم تشكيلها في تشرين الثاني سنة 2005 وكانت تعرف سابقا بلجنة العمل اللبناني الفلسطيني، يمثلها افراد من وزارات متعددة. ومن مهام هذه اللجنة تطبيق سياسات الحكومة اللبنانية بكل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني وخاصة اللاجئين منهم في لبنان، و تهتم بالتنسيق بين عمل الحكومة اللبنانية مع الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الدولي والمدني للوصول الى تحقيق اهدافها و مهماتها.

يترأس لجنة الحوار في الوقت الحالي الدكتور حسن منيمنة وكان قد سبقه السفير خليل مكاوي عام 2005 الى عام 2009 والاستاذة مايا مجذوب عام 2010 -2011 والسفير عبد المجيد قصير عام 2011-2012 و الدكتور خلدون الشريف عام 2012-2014 وتضم ممثلين عن وزارات العدل والداخلية والخارجية والدفاع والشؤون الاجتماعية والعمل والصحة العامة.

للاطلاع اكثر على اهداف هذه اللجنة واين اصبحت من موضوع اعادة اعمار مخيم نهر البارد انهاء وجود السلاح خارج المخيمات و تنظيمه داخلها؟ قصدت”الانباء” بلقاء رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة الذي قال:

اساساً اللجنة انشأت لاجل ايجاد ثغرة،للتعاطي في الشأن الفلسطيني ودورها الاساسي هو تنسيق العلاقات ما بين الفلسطينيين ومؤسساتهم الاجتماعية والسياسية ومؤسسات الدولة المختلفة في مختلف اداراتها للتسهيل في لعب دور وانجاز هذه المطالب التي يحملها هؤلاء ومعالجة المشاكل التي تواجهها المخيمات وساكنيها وخاصة فيما يتعلق في وزارات الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها. بالاضافة الى دورها التنسيقي او بالاحرى دورها الوسيط اذا جاز التعبيربما يتعلق بالعلاقة ما بين المخيمات والمنظمات والفصائل الفلسطينية وما بين الاجهزة الامنية ووزارة الداخلية”.

اضاف منيمنه: "اللجنة بدأت سنة 2005 وهي عبارة عن رئيس للجنة تابع لرئاسة الحكومة مباشرة ومكلف من رئيس الحكومة، وجهاز اداري صغير جدا لمساعدة رئيس اللجنة في ايجاز الاعمال المنوطة بها. وطبعا قد ساهمت هذة اللجنة في دفع الامور الى اعادة اعمار مخيم نهر البارد في مرحلته الاولى، كما ساهمت في توضيح حقيقة العلاقة اللبنانية الفلسطينية بمعنى التمسك بالقانون اللبناني وحق الدولة اللبنانية بفرض ارادتها، وان تكون القوى الامنية اللبنانية وحدها مولجة في حفظ الامن على كامل اراضيها. وبالمقابل ان تقوم الدولة بدعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين الانسانية والاجتماعية، بالاضافة الى رفض التوطين في اطار دعمها حق العودة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم الام. كما ان هناك عدد و مجموعة من الامور في الفترة الماضية وضعت امام اللجنة تطالب بتطويرعملها وتوسيع قدراتها ودورها هذا من جهة، ومن جهة اخرى متابعة العديد من قضايا الشأن الفلسطيني في مؤسسات الدولة اللبنانية.

ما الامور التي تقوم بها اللجنة في الوقت الحالي؟

"نحن الان نعمل على مجموعة موضوعات، اهمها العمل الكثيف لتأمين القسم الثاني من موارد تمويل اعادة بناء مخيم نهر البارد، لان القسم الاول قد استنفذ. وقد تم بناء وانجاز حوالي النصف و المهم الان الدورالذي يقوم به دولة الرئيس تمام سلام لاتمام هذا العمل، وقد دعا مجموعة من السفراء العرب وحملهم رسائل الى دولهم من اجل تقديم المزيد من الدعم لمتابعة هذا العمل الانساني.

ونأمل ان تستمر الجهود الى اعادة بناء مخيم نهر البارد بالكامل،علما ان مسؤولية البناء يعود لـ "الاونروا” انما من واجبنا ان نساعدهم على توفير هذه الاموال. كما اننا نقوم بدرس ملفات مع وزارة العدل و الداخلية و الشؤون الاجتماعية والعمل حول جملة قضايا لها علاقة بالوضع الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين و اننا ننطلق من قناعة كاملة. ونحن ضد النظرية التي كانت سائدة اي اهمال الشأن الفلسطيني مما يدفع بهؤلاء النازحين الى الهجرة من لبنان.

بالحقيقة اهمال الشأن الفلسطيني وهؤلاء النازحين الذين لم يتوفر لهم تأمين دراستهم او اكتساب مهنة سوف يؤدي الى بقائهم في لبنان، ليس هناك من بلد سيستقبلهم بدون مهنة او شهادة تمكنهم من العمل بها.

كما ان الضائقة المالية هي ما دفعت بهؤلاء الشباب الى الانخراط في تنظيمات مختلفة لتأمين الحد الادنى من موارد الاقتصادية لهم.

لذا فإن توفير الحد الادنى من مقومات وحقوق الانسان والتي يجب ان يتمتع بها كل فرد مقيم في لبنان وهو شيء معترف به من قبل كل التشريعات الدولية، و هذا لا يتعارض على الاطلاق مع تمسك لبنان بعدم التوطين، والتمسك بدعم عودة الفلسطينيين الى بلدهم.

كما اننا نتابع مع وزارة الداخلية جملة ملفات منها موضوع النازحين الفلسطينيين من مخيم اليرموك بسبب الاحداث في سوريا والعمل على تنظيم اوضاعهمو ان نساعد مجموعات فلسطينية لا يملكون وثائق اي هوية و على اصدار بطاقات تعريف تمكنهم من التنقل داخل لبنان، وبدورها وزارة العمل تتابع جملة قضايا لها علاقه بموضوع الارث وامكانية التوريث عند الفلسطينيين في لبنان من ممتلكاتهم التي يمتلكونها. كما نتابع مع وزارة العمل موضوع الضمان الاجتماعي واعطاء اقامة عمل حتى يستفيدوا من تعويضات نهاية الخدمة، مقابل اشتراك يدفع لصندوق ينشأ داخل صندوق الضمان الاجتماعي لهذه الغاية.انما هناك عدم وضوح في كيفية تنفيذ هذا التمويل ونعمل على تصور واضح يخدم الجميع في هذا المجال.

كيف سيكون وضع مخيم نهر البارد بعد اعادة الاعمار؟ وهل سيعود ليكون على ما كان عليه قبل الاحداث التي جرت بين الجيش والمجموعات الارهابية؟

الاهم الآن استكمال الدعم المادي لاعادة اعمار مخيم نهر البارد، الذي بات تحت سيطرة الدولة اللبنانية بالكامل. وقد يكون هذا المخيم نموذجا لباقي المخيمات بعد ان يعاد اعماره وتوفير بنية عمل داخل المخيم واسواق تجارية ومحال ومراكز تعليم ليكون نموذج يقتدى به.

بالنسبة للشق المتعلق بالسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات، كيف سيتم معالجته؟

"هذا الموضوع قراره اكبر من لجنة الحوار منفردة، نحن نعلم ان هناك قرار اخذته لجنة الحوار الوطني اللبناني بشأن السلاح خارج المخيمات ورغم ذلك لم ينفذوا هذا القرارالذي اتخذته شخصيات من اعلى المستويات على الصعيد السياسي من زعماء سياسيين اساسيين في البلد.

كما اننا ندفع دائما الى وقوفنا مع الخطوة التي اتخذت مؤخرا في عين الحلوة لتشكيل قوة امنية مركزية داخل المخيم من الفلسطينيين لضبط الامن، وكانت خطوة ناجحة نأمل ان تستكمل. ونحن نعمل على امتصاص كل العناصر التي تدفع الى استعمال السلاح، انما بالنسبة لموضوع السلاح بشكل عام فليست لجنة الحوار في موقعها صاحبة السلطة والقرار بهذا الامر”.

ختاما كيف تصف الوضع الفلسطيني في لبنان؟

"بصراحة ان الموضوع الفلسطيني في لبنان متروك بمعنى من المعاني، هناك قوى سياسية واجتماعية في البلد لديها قناعات اخرى في هذا الموضوع رافضة اي شكل من اشكال تحسين احوال الفلسطيني في لبنان، تحت اي اعتبار انساني او غير انسانيبحجة انهم ضد التوطين.

كما نعلم وبات معروف هناك اجماع على رفض هذا التوطين وهذا الاجماع عند اللبنانيين هو وحده الحصانة بعدم وجوده كما ان الفكرة نفسها غير موجودة عند الفلسطينيين انفسهم وهم متمسكين اكثر من اي طرف آخر برفضه.

ولكن للاسف هناك قناعات مسبقة نحن نعمل على تذليلها عبر الدعوة لحوار وطني بين القوى السياسية اللبنانية حول الموضوع الفلسطيني، على ان تتضح صورة التوجه العام للقوى السياسية اللبنانية بكيفية النظرة الى الفلسطينيين وكيفية التعاطي معهم”.

ختاماً، الفلسطينيون من حصار الاعداء الى حصار الاصدقاء، حياة لا يستحقها اطفال فلسطين، فهم نازحون داخل وطنهم ولاجئون خارجه، شباب اذا ما اتيحت لهم فرصة الحياة بكرامة واذا ما قدمت لهم ابسط الحقوق الانسانية، لتجدهم يبرعون وينافسون في مجالات عدة، طاقات وقدرات تميز هذا الشعب الذي وبرغم ما يعانيه، يتحدى العالم بصموده وحيدا في وجه العدو و في وجه الفقر والحرمان من ابسط حقوق الانسان الذي يتعرض له في جميع البلدان العربية الصديقة.

وحدة حال ومصير بين البلدين الشقيقين اللبناني والفلسطيني، على امل ان يعود هؤلاء الى بلدهم الذي ينتظر عودتهم بعد ان غابوا عنه مرغمين، تركوا ارضهم وعيونهم تلتفت الى الوراء راجية العودة حيث وطن الشهادة والانتصار وطن تنظر اليه بفخر جميع الاوطان.
المصدر: ليال البيطار – الأنباء