من يميت اليرموك عطشاً؟

منذ 11 سنة   شارك:

 يعاني مخيم اليرموك حتى تاريخ إعداد هذه المادة (20/9)، من الموت عطشاً، بسبب انقطاع الماء عن المخيم، ويؤكد الأطباء والمراكز العلمية المتخصصة أن الإنسان يدخل في غيبوبة بعد انقطاعه لثلاثة أيام عن شرب الماء، ليموت خلال أيام قليلة، والعشرين ألف مدني داخل المخيم يستخدمون اليوم مياه الآبار المضرّة بالصحة.

صحيح أن أزمة مخيم اليرموك، جنوبي دمشق، ليست فريدة من نوعها، ضمن وضع سوريا الكارثي، وهو وضع ما زال يطيب للبعض تسميته بالثورة، وللبعض الآخر حراكاً، وهناك من يسميه مؤامرة.

لكن مخيم اليرموك له خصوصيته، فكل محاولات التهدئة وتحييده فشلت. أما جديد أزمته؟ فانقطاع الماء عن المخيم منذ أيام...

وأن ينقطع الماء عن منطقة ما، يعني على الفور أن موتاً قادماً نحوها، وخاصة أن لا شيء يعوض الإنسان عن هذه المادة الأساسية للحياة، فعدم شرب الماء لمدة تزيد على ثلاثة أيام سيؤدي إلى الدخول في غيبوبة تصل بالإنسان إلى الموت حتماً.

أهل المخيم يصفون الوضع بالمأسوي، ويؤكدون أن المؤسسات العاملة على الأرض لجأت إلى بعض الآبار، وهو ما يحيل إلى احتمال انتشار أمراض خلال وقت قريب، فمياه الآبار ليست صالحة للشرب. وحين يغيب الدواء أيضاً والعناية الطبية يصبح احتمال انتشار الأوبئة أخطر بكثير.

أخذ ورد كثير في المسؤولية عن هذه الكارثة. معلوم أن الدولة السورية هي المسؤولة عن شبكة المياه، وقد يتذرع بعض المسؤولين بوجود عطل، ولكن حتى تاريخ إعداد هذه المادة (19/9) لم تحل المشكلة. وبديهياً، لا مبرر لأحد في قطع الماء عن الناس « نظراً إلى وجود مسلحين داخل المخيم،» وخاصة في ظل وجود نحو 20 ألف مدني لم يرتكبوا أي ذنب سوى البقاء في منازلهم، حفاظاً عليها من النهب والسرقة التي مورست على مدار أكثر من عام ونصف، هو عمر أزمة مخيم اليرموك التي ابتدأت في كانون الثاني/ يناير 2012.

وهنا لا بد من وضع من نصّبوا أنفسهم مسؤولين عن المخيم، بحجة «تحريره من النظام السوري»، أين هم من عطش الناس الذين يقبعون تحت سلطتهم؟! ومتى سيكفون عن تحميل آلاف المدنيين عبئهم، وأعباء وجودهم داخله؟! ولِمَ لم يخرجوا إلى مناطق أخرى أسوة بمناطق محيطة بالمخيم؟!

الأسئلة برسم المعارضة السورية التي اعتبرت أن المخيم أرض سورية، ولا غبار على الكلام، ولكن اعتبار المخيم سورياً، لم يدفعهم إلى معاملة أهله معاملة السوريين! وخاصة أن بين المدنيين المحاصرين من الداخل والخارج، الكثير من أهل البلاد.

وما يحدث اليوم في المخيم يحيل المتابع إلى أشهر نحو الوراء، كان المخيم يعاني أزمة جوع، استمرت أشهراً، ومات على أثرها أكثر من مئة فلسطيني وسوري، ولم تستطع مبادرات عدة لحل الأزمة بين الفصائل الأربعة عشر والدولة السورية والمسلحين داخل المخيم، علماً بأن المناطق المحيطة بالمخيم تمكنت من إنجاز مبادرات أهلية، استطاعت من خلالها أن تتجنب الأوضاع المأسوية، في حين أن المخيم لم يتمكن أحد من التوصل الى حل مأساته. وهذا أمر مريب وقابل للتأويل، وتوجيه الاتهام لبعض الجهات (عربية، دولية)، أنها لا تريد إنهاء أزمة اليرموك، ارتباطاً بمشروع أكبر يتعلق بتهجير الفلسطينيين من دول الطوق.

إغراق اللاجئين الفلسطينيين في حالات موت مستمرة بأشكال مختلفة، لا يدلّ إلا على الرغبة في دفعهم إلى الهجرة، كون لا أحد قادر على النطق بضرورة «إلغاء حق العودة إلى فلسطين»؛ والمشروع الساري المفعول في سوريا ولبنان سيكون قانونياً باسم حماية الفلسطينيين من العطش والموت جوعاً، في دول يقتلها النزاع، كونهم يتبعون لمنظمة دولية خاصة بهم.

يعطش المخيم، ويحتاج إلى رشفة ماء تنقذ طفلاً لم يستشهد حتى اللحظة، لكنه في الطريق. يستشهد المخيم أمام أعين الجميع، ويبقى سؤال: من القاتل أو من هم القتلة؟

المصدر: أيهم السهلي - الأخبار



السابق

60 ألف منزل في مناطق الـ48 مهددة بالهدم

التالي

الأمن اللبناني يلقي القبض على 107 لاجئين بينهم فلسطنيين سوريين أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية عبر سواحله


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ شعبهِ!

القمع لا يقتل الأفكار، بل يورثها مزيداً من الاشتعال. وكل كلمة مكتومة تتحول جمراً تحت الرماد، تنتظر ريحاً صغيرة لتتحول ناراً تعصف ب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير