العيد في غزة: فرحة سُلبت بالدم!
امتزجت دماء ثمانية أطفال أبرياء استهدفهم الاحتلال في أول أيام عيد الفطر وهم يلهون على أرجوحة العيد في مخيم الشاطئ لللاجئين غرب مدينة غزة، بملابسهم ذات الألوان المزركشة، لترسم لوحة العيد البائسة التي أطلت على الفلسطينيين في القطاع برفقة المزيد من الدمار والدماء ووداع الشهداء الأبرياء، لتسلب «إسرائيل» الفرحة على طريقتها الخاصة بعدما زادت من وتيرة غاراتها الجوية، ليصبح العيد بدوره «عيد شهيد»، كما وصفه الغزيون.
وغابت الابتسامة عن وجوه الأطفال والنساء والرجال وأهالي الشهداء، وحلّت مكانها ملامح الحزن والبؤس، خصوصاً في مراكز الإيواء التي فتحتها «الأونروا» في مدارسها، بعدما فرت إليها آلاف العائلات التي تقطن في الحدود الشرقية لمختلف مناطق قطاع غزة.
وتقول الطفلة أحلام الحلو «كنا نلعب في الحديقة أنا وأبناء عمي، بعدما عيدونا في الصباح، حتى سمعنا صوت انفجار كبير، حينها رأينا الأطفال على الأرض.. إضافة إلى الإصابات».
وتوضح الطفلة الحلو لـ«السفير» أنها هربت هي وأبناء عمها من شدة القصف، لكن بعضهم أصيب، وهم آلاء الحلو (9 أعوام) ورامي الحلو (10 أعوام). وتساءلت «ما ذنبنا نحن؟ لماذا يقصفوننا؟ هل نحن إرهابيون؟ الله ينتقم منهم حرمونا فرحة العيد».
واستهدفت طائرة استطلاع إسرائيلية، يوم الاثنين الماضي، الأطفال وهم يلهون في حديقة مخيم الشاطئ بصاروخ واحد، أدى إلى استشهاد 10 غالبيتهم من الأطفال، وإصابة نحو 45.
أما مراكز الإيواء التي يعيش ساكنوها ظروفاً إنسانية قاسية، فبدا المشهد فيها مؤلماً أيضاً، إذ حل العيد على الأهالي الذين يحتمون فيها بصورة حزينة، بعدما أصبحت بيوتهم ذكرى يحدثون عنها الناس والجيران ممن نزحوا معهم.
وبالنسبة لعائلة أبو منديل فإنه «عيد الشهداء والتهجر»، حيث لم تشعر العائلة المكونة من أربعة عشر شخصاً بأجواء العيد إطلاقاً، بعدما دمّر الاحتلال منزلها في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.
تقول الوالدة سلوى التي بدت عليها علامات الحزن والأسى لـ«السفير»، «عن أي عيد تتحدث؟ هذا عيد التهجير، وعيد الدم والشهداء، شردونا من بيوتنا وقتلوا أطفالنا وأبناءنا، عيدنا يوم ما نرجع على بيوتنا حتى بعدما تدمرت، رح نعيد بناءها من جديد».
أما الطفل براء، الذي جلس إلى جانب والدته، فيقول «ماما ما اشترت لي ملابس العيد، وأنا ما لعبت مع أصحابي، كنّا نلعب في الحارة ونشتري ألعاب كتير وحلويات، بس هلأ ما في بيت ولا أصحاب!».
وبينما كان براء يتحدث، أخذت دموع أمه تسيل برغم أنها حاولت إخفاءها مراراً، لكنها لم تستطع، وتقول: «والله رح أشتريلك يا ماما ورح نفرح ... حسبنا الله ونعم الوكيل».
حال النازحين ليس بعيداً عن حال أهالي الشهداء الذين فقدوا أبناءهم وأحباءهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الخامس والعشرين على التوالي.
وفي منزل الشهيد محمد شعت في مدينة خانيونس، خيّم الحزن على أهله وعلى ذويه الذين استقبلوا العيد بنبأ استشهاده. حال عائلة شعت كما حال غيرها من العائلات التي استقبلت العيد أيضاً بالشهداء والجرحى وفقدان الأحبة.
يقول رشيد شعت، وهو أحد أقرباء الشهيد محمد، «برغم ما أصابنا من ألم وحسرة على فقدانه، إلا أننا واثقون بأن العيد المقبل سيأتي ونحن منتصرون وغزة ستغير مسار القضية الفلسطينية، سنبقى صامدين برغم كُبر الجرح والألم، لكن هذا حالنا».
وخلت الشوارع في غزة من مظاهر العيد، بينما لم تُقم الصلوات في المساجد والعراء كالمعتاد، بعدما دمر الاحتلال كثيراً منها، في وقت لم يتمكن الأطفال من اللهو في أحياء القطاع وأمام منازلهم بصورة عادية، في ظل التحليق المكثف لطائرات الاحتلال واستمرار الغارات، ولسان حال الغزيين يقول: «بأي حال عُدت يا عيد!».
المصدر: محمد فروانة - السفير
أضف تعليق
قواعد المشاركة