المخيمات تنسى واقعها الأمني والاقتصادي.. من أجل غزة
عادت غزة لتحتل سلم أولويات اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، ومعهم عدد كبير من النازحين الفلسطينيين من سوريا، ولتفرض نفسها على المشهد الفلسطيني في المخيمات، بعدما طغت عليه الظروف الأمنية والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية وكانت سبباً في إدارة دفة التحركات بعيداً نسبياً عن القضية المركزية فلسطين.
لعل أزقة مخيمي البداوي والبارد (عمر إبراهيم) التي لا تشهد، منذ سنوات، الا التحركات المطالبة بتحسينات معيشية أو مرتبطة بواقع النازحين من مخيمات سوريا، عادت أمس لتعدل في برنامجها وتضع تلك الهموم جانبا وتنتفض لفلسطين على نحو غير مسبوق، وربما يكون الشوق إلى تلك التحركات وسماع صرخات التنديد بالعدو الإسرائيلي وتلك المؤيدة للمقاومة من الدوافع الرئيسية، بعدما جرى تغييبها في العديد من الدول العربية والإعلام.
وإذا كان البعض يعتبر أن تعاطف أبناء المخيمين مع أهلهم في غزة هو تحصيل حاصل، إلا ان هناك من يرى في ذلك نوعاً من الرد الضمني على ما يحصل في الشارع العربي، وان التحركات تحاول إعادة تصويب البوصلة نحو فلسطين. وهو ما تجسده بعض الشعارات التي أطلقت أو اللافتات التي رفعت، والتي تطالب بحصر استخدام السلاح في فلسطين وتوفير الأموال لدعم المقاومة وصمود أبناء غزة.
لا يمر يوم، في المخيمين، من دون خروج مسيرة أو تنفيذ اعتصام حتى في ساعات الفجر، وسط حالة من الغضب تعم المشاركين لغياب الاستنكار العربي الرسمي، وعدم توفير الحد الأدنى من مقومات الصمود، على غرار ما يدفع من أموال ويوفر من سلاح إلى بعض الدول العربية التي تشهد حالة من الفوضى والاضطرابات الأمنية.
ويؤكد أبو خالد من مخيم البداوي «نحن كنا على مدى الأعوام الماضية ننظر بحزن إلى ما يجري في سوريا والعراق وليبيا ومصر، وكنا نعتبر ذلك مؤامرة تهدف إلى ضرب القضية الفلسطينية. وقد حصل ما كنا نخشاه، فإسرائيل تفعل ما تفعله، وهي مطمئنة الى أنه لا توجد دولة عربية قادرة على مواجهتها، ولا يوجد هناك من هو قادر من تلك الدول على تشكيل أي عامل ضغط على الدول الغربية لدفع إسرائيل عن التوقف عن مجازرها».
يضيف: «كان سابقاً رهاننا على المقاومة، ونحن اليوم نراهن عليها، لكن، كنا نأمل لو أن حال الدول العربية في أحسن، لكنا شاهدنا الملايين من العرب يتظاهرون في الشوارع، لكن اليوم كل دولة عندها ما يكفيها».
ويعتبر أبو أيمن، من مخيم البارد، أن «أبناء المخيم انشغلوا على مدى السنوات الماضية بالمشاكل الاقتصادية وقضية إعادة الاعمار وبمشاكل النازحين من سوريا، ولكن غزة عادت لتوحدنا جميعاً، وبالتالي فان كل المشاكل الموجودة تهون».
ويستدرك: «قد يستغرب البعض كلامي، لكن بتنا نتمنى لو أن فلسطين تبقى دائماً منتفضة، حتى نتوحد وتتوحد أمتنا، وتنتهي هذه الحروب العبثية في الدول العربية، ونعود جميعاً جنباً إلى جنب دفاعاً عن مقدساتنا».
غضب في عين الحلوة
الشارع الفلسطيني في عين الحلوة (محمد صالح) قلق من تصاعد الهجمة الإسرائيلية على غزة، في ظل هذا الواقع العربي المرير. ويسأل كثيرون في عين الحلوة عن ردة الفعل العربية المتضامنة مع غزة، فلا يجدها ويسأل عن تضامن الأنظمة فلا يجد سوى ردات فعل خجولة.
الفلسطينيون في عين الحلوة يشعرون بغضب عارم لكونهم مكبلين عاجزين عن فعل أي شيء. وعبروا عن غضبهم ووقوفهم إلى جانب أهلهم في غزة بتنظيم مسيرات جالت في مخيمي عين الحلوة والمية ومية، منددة بالاعتداءات الإسرائيلية والمجازر التي يرتكبها العدو في قطاع غزة ورفع المتظاهرون لافتات منددة بالاعتداءات الإسرائيلية وألقيت كلمات دعت الى نصرة غزة ووضع حد للجرائم الإسرائيلية.
وتلاقت الأجواء في أكبر مخيمات الجنوب مع الأجواء في صيدا حيث ينظم شبان تحركات تضامنية دعماً لغزة ولصمود الشعب الفلسطيني.
قلوب وعقول
تسيطر الأحداث في غزة المتمثلة بالعدوان الإسرائيلي على القطاع، على يوميات اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، في منطقة صور (حسين سعد). ويعبر اللاجئون وقواهم السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن قلقهم على أبنائهم وأقاربهم في القطاع.
وينخرط اللاجئون في تحركات يومية تنفذها القوى والفصائل الفلسطينية على اختلافها، بينما يتابع قسم كبير منهم الأوضاع في غزة عبر الإعلام، للوقوف على التطورات العسكرية والإنسانية والاطمئنان إلى الأقارب.
وبالرغم من الحزن على سقوط الشهداء والجرحى والدمار الذي يحل بمنازل المواطنين، يشعر اللاجئون بروح معنوية عالية على خلفية انجازات المقاومة وقصف المستوطنات الإسرائيلية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ التي تقض مضاجع الاحتلال الإسرائيلي.
ويأسف أبو سالم لاستمرار الصمت العربي تجاه ما يتعرض له أبناء غزة، الذين يذودون عن كل العرب.
ويقول: «اعتاد الفلسطينيون على خذلانهم من العرب وحكامهم والجامعة العربية التي لا لون ولا طعم لها»، مضيفاً: «لا يحك جلدك غير ظفرك»، لذلك المطلوب من الفلسطينيين توحيد أنفسهم، والقيام بمصالحة وطنية تاريخية».
وتقول أم خالد درويش إن «قلوبنا مع أهلنا في غزة الذين يتعرضون لأبشع أنواع العدوان والظلم على يد العدو الإسرائيلي الغاصب وأعوانه». تضيف أن «كل صرخة طفل في غزة يتألم من جراحه وخوفه تساوي كل الزعماء العرب الذين يتربعون على عروشهم».
وتطالب الفلسطينيين بأن يكونوا صفاً واحداً سواء داخل فلسطين المحتلة أو الشتات من اجل مواجهة الأخطار التي تتهددهم.
المصدر: السفير
أضف تعليق
قواعد المشاركة