تقرير صحفي
"الفلسطيني السوري في لبنان... ضحية تواطؤ القوانين وصمت الممثلين"
تقرير توفيق سعيد حجير – خاص لشبكة العودة الإخبارية
أربعة عشر عاماً مرت منذ أن فرّ الفلسطيني السوري من جحيم الحرب في سورية، باحثاً عن ملاذ آمن، فإذا به يصطدم بواقع أشد قسوة في لبنان. اليوم، ومع إعلان الأمن العام اللبناني عن تسهيلات للعودة بين 1 تموز و30 أيلول، يجد نفسه محاصراً بين خيارات مستحيلة، دون أن تمتد له يد واحدة من الجهات التي تزعم تمثيله أو الدفاع عن حقوقه.
القوانين اللبنانية تقف أولاً على رأس قائمة الجناة؛ إذ تمارس تمييزاً فجّاً ضد الفلسطيني السوري. فعندما تُمنح التسهيلات للاجئ السوري، يُستثنى الفلسطيني السوري بحجة أنه "فلسطيني"، وعندما تشتد القيود، تُطبق عليه بحجة أنه من سورية. هذه الازدواجية المقيتة تحرمه من أبسط حقوق الحياة: تسجيل مولوده، إدخال أطفاله إلى المدارس، الحركة بحرية، والعمل.
أما وكالة الأونروا، التي تأسست من أجل حماية اللاجئين الفلسطينيين، فقد باتت في نظر الفلسطيني السوري أشبه بجهاز ينفذ سياسة الخنق والتجويع. فبينما منحت اليونيسف لكل عائلة سورية 500 دولار دعماً للعودة، تقاعست الأونروا عن صرف المساعدات الشهرية للفلسطينيين السوريين لثلاثة أشهر متتالية، ولم تبادر بأي خطة لتأمين الحد الأدنى من الدعم، رغم أن المخيمات في سورية مدمرة وغير صالحة للسكن.
أما السفارة الفلسطينية في لبنان وسفارة فلسطين في سورية، فتمارسان غياباً متعمداً، وكأن اللاجئ الفلسطيني السوري خارج نطاق مسؤولياتهما. شعارات "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" التي يرفعونها تبدو كغطاء لتجاهل معاناة اللاجئين، بل وممارسة قتل بطيء لما تبقى فيهم من حياة.
والفصائل الفلسطينية في لبنان ليست سوى نسخة أخرى من هذا التخلي. معظمها لا يعترف بخصوصية معاناة الفلسطيني القادم من سورية، بل ينظر إليه على أنه "سوري" لا شأن لهم به. النتيجة: لا صوت، لا دعم، لا خطة، وكأن هذه الفصائل اختارت أن تدير ظهرها لمأساة كاملة.
إن ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني السوري في لبنان اليوم ليس مجرد إهمال، بل هو تواطؤ صريح بين قوانين ظالمة، ومؤسسات فلسطينية عاجزة أو متواطئة، ووكالة دولية تتخلى عن رسالتها. وبين كل هؤلاء، يبقى الفلسطيني السوري معلقاً بين السماء والأرض، يدفع ثمن الصمت والتخاذل، بلا أفق ولا أمان.
أضف تعليق
قواعد المشاركة