تعثّرت مسألة انتشار القوة الامنية الرادعة في عين الحلوة ليتحوّل المخيم وأهله رهينة قرار ربما لن يأتي بعد أن تعدّدت التدخلات الفلسطينية ـ الفلسطينية.

وتعزو مصادر فلسطينيّة الأمر إلى بروز قضية تأمين تغطية التكلفة الماليّة لعديد القوة الذي يصل إلى 200 عنصر، ومسألة الجهة التي يجب أن تتحمّل نفقات وأعباء تزويد القوة بالمعدات اللوجستية والفنية من أجهزة وسيارات ومقرات، بالإضافة إلى التنظيمات التي ستتحمّل رفد القوّة بعناصر شبابية قادرة على إطلاق النار وردع اي هجوم او اغتيال وتنفيذ اي عملية اقتحام، بغياب التغطية السياسية والقانونية والشرعية اللبنانية.

وفي هذا الإطار، تتساءل المصادر «إن كان بإمكان لبنان تأمين الغطاء السياسي والقانوني الشرعي لعمل القوة الامنية الفلسطينية لتنتشر، كالكفاح المسلح سابقاً قبل إلغاء اتفاقية القاهرة التي كانت تنظم الوجود الفلسطيني السياسي والعسكري والأمني».

في حين تذهب مصادر أخرى أبعد من ذلك، لتعرب عن خشيتها من انتشار القوى الامنية الفلسطينية بغياب التوافق الفلسطيني عليها، ما يعرّضها للهجوم أو إطلاق النار، لا سيّما أنّه قد يكون للقوى السلفية المتشدّدة، كـ«فتح الإسلام» و«جند الشام» والناشط الاسلامي بلال بدر، موقف مغاير في حال لم يتم التوافق معهم على مسألة الانتشار.

وتشير إلى أنّ التوافق على انتشار القوة محصور حتى الساعة بالمرجعيات الفلسطينية المكوّنة للنسيج السياسي في المخيم والمتمثل بفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» و«قوى التحالف الفلسطيني» والقوى الإسلامية و«أنصار الله»، من دون أن يُعرف مصير التوافق بين هذه المرجعيات والقوى السلفية المتشددة الذين أطلقوا على أنفسهم تسمية «الشباب المسلم».

ولذلك دخلت مجموعة «الشباب المسلم» على خط تلقّف المبادرة بعد ان استدركت حجم التخبط الذي تعاني منه بقية المرجعيات الفلسطينية في المخيم، ليبرز موقف صادر عنها، أمس، يدعو الى الهدنة في المخيم وليس إلى أي شيء آخر.

وفي هذا الإطار، عقد، أمس، اجتماع أطلق عليه «اللقاء التشاوري»، في قاعة اهالي بلدة «عرب زبيد» في المخيم، بين قادة «الشباب المسلم» (جميعهم من الإسلاميين السلفيين المتشددين كالشيخ أسامة شهابي وجمال حمد وهيثم الشعبي ويحيى ابو السعيد وزياد ابو نعاج وزياد شهابي ومحمد جمعة ورائد) و«المبادرة الشعبية والشبابية» ومجموعة من الناشطين الشباب الذين لهم دور بارز في المجتمع المدني والتحركات الشعبية ضد الاقتتال الداخلي.

وقد عرض «الشباب المسلم» مبادرة هدنة مضمونها أنهم «لن ينجرّوا الى أي اقتتال او اشتباك في المخيم مهما كلفهم ذلك من ثمن، وانهم سيواجهون عمليات الاغتيال بالعضّ على الجراح»، بحسب ما نقل أمين سر «المبادرة الشعبية والشبابية» عاصف موسى، الذي أكّد أن «طرح الهدنة متوافق عليه بين جميع الشباب المسلم بالمخيم حيث تمت مشاورتهم، بمن فيهم بلال بدر الذي غاب عن الاجتماع لكنه بارك الأمر».

وبعد انتهاء اللقاء مع «الشباب المسلم»، زارت «المبادرة الشعبيّة والشبابيّة» قائد «الأمن الوطني الفلسطيني» في لبنان اللواء صبحي أبو عرب ثمّ العميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» لوضعهما في صورة اللقاء و«مبادرة الهدنة».

وأعلن عاصف موسى أن «أبو عرب ابلغ وفدنا بان قيادة الامن الوطني الفلسطيني وحركة فتح كانوا ولا زالوا حريصين على امن واستقرار المخيم وانهم دائما كانوا يعضون على الجراح عندما كان يتم استهدافهم»، مشدداً على أنهم «مستمرون بذلك لقناعتهم بأنه لا يمكن التغلب على الفتنة الا بالعض على الجراح وتحصين امن المخيم».

أما «اللينو» فأشار، بحسب موسى، إلى أنّ «أية خطوة ايجابية سنقابلها بخطوات ايجابية ونحن لم نكن يوما الا مع مصلحة اهلنا وشعبنا، فدائما كنا نعض على الجراح والالم في سبيل مصلحة المخيم وسنستمر بذلك مهما كلف الأمر».

وشدد موسى على اللقاءات وهدفها «افساح المجال امام المبادرات الشعبية والشبابية ولجنة تجار السوق لتعيد الحياة الى طبيعتها في الشارع الفوقاني للمخيم».

المصدر: محمد صالح - السفير