إيليا سليمان.. من سجون إسرائيل إلى أضواء مهرجان كان
منذ 23 عاما بدأت رحلة المخرج الفلسطيني إيليا سليمان، ابن مدينة الناصرة، مع السينما الروائية، وبالتحديد في عام 1996 مع فيلم "سجل اختفاء" الذي فاز من خلاله بجائزة العمل الأول من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.
وفي عام 2019 يعود المخرج الفلسطيني الكبير ليفوز بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي، وذلك من خلال فيلمه "لابد أنها الجنة" ( It must be Heaven) الذي شارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته الـ72.
في التقرير التالي نتتبع رحلة إيليا سليمان ونحلل كيف استطاع أن يجمع بين حصد العديد من الجوائز العالمية وبين تصوير مأساة الشعب الفلسطيني بلغة سينمائية يمكنها الوصول إلى البشر بمختلف أعراقهم وأجناسهم حول العالم.
من سجون الاحتلال إلى السينما في المهجر
ولد إيليا سليمان في يوليو 1960 في مدينة الناصرة، عاش طفولته تحت الاحتلال الإسرائيلي وشهد التهام ما تبقى من الأراضي الفلسطينية في عام 1967، وعقب ذلك بعشرة أعوام، وحينما كان إيليا فتى لم يتجاوز السابعة عشر عاما، ألقي القبض عليه من قبل قوات الاحتلال، وتم الضغط عليه للاعتراف بأنه أحد الأفراد المسلحين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية والمنوط بها تمثيل الشعب الفلسطيني في كل دول العالم.
ومنذ ذلك اليوم قرر سليمان أن الهجرة أمر لا بد منه لكي يحيا حياة آمنة، هاجر الفتي أولا إلى بريطانيا ثم إلى فرنسا، ولكنه لم يستطع أن يقطع روابطه بوطنه، فعاد بين الفينة والأخرى، ولكن العودة هذه المرة كانت من أجل السينما وبواسطتها أيضا.
ففي عام 1990 وبينما كان سليمان يقيم في مدينة نيويورك، قرر أن يصنع فيلمه الأول، وهو فيلم "مقدمة لنهاية جدال" ( Introduction to the End of an Argument ) الذي عاد من خلاله معنويا إلى وطنه، من خلال فيلم جمع فيه بين مقاطع من المحتوى الإعلامي الغربي ضد العرب عموما والشعب الفلسطيني خصوصا من قنوات وأفلام غربية، وبين مقاطع حية من حياة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، عُرض الفيلم في مهرجان أتلانتا السينمائي وفاز بجائزة أفضل فيلم تجريبي.
عقب ذلك عاد سليمان مؤقتا للقدس المحتلة ولكن هذه المرة ليؤسس قسم الأفلام والميديا في جامعة بيرزيت الفلسطينية الوطنية، ليجمع بين صناعة السينما وبين تدريسها لأهل بلده. لكن طموحه لم يتوقف عند هذا الحد، فالقادم حمل ما هو أكثر.
كان 2019: لابد أنها الجنة
في فيلمه الجديد الذي حاز جائزة الاتحاد الدولي للنقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان، تدور الأحداث مرة أخرى عن رجل فلسطيني يقوم بدوره إيليا سليمان، ولكن الرحلة هذه المرة هي رحلة الهجرة من أرض فلسطين المحتلة إلى أوروبا وأميركا، لكن هذا الرجل يبدو مطاردا بالتهجير والطرد وعدم الاستقرار حتى في هذه الأرض الجديدة، كأن سليمان يرمز هنا إلى تيه إنسان العصر الحالي في الأرض، كما يعود مرة أخرى ليؤكد أن مأساة الشعب الفلسطيني ليست فقط في أرضه المحتلة، ولكن في هويته التي سُرقت منه في كل أنحاء الدنيا.
يصرح إيليا سليمان في حوار مع موقع نيويورك تايمز بأن هذا الفيلم هو أكثر أفلامه كوميدية حتى الآن، والدلالة الوحيدة لهذا أن العالم بالفعل في حالة مزرية للغاية.
قد نتفق أو نختلف مع سليمان في رؤيته السوداوية الساخرة من العالم، ولكننا في كل الأحوال لا يسعنا سوى الإعجاب بما يقدمه في سبيل سرد حكايته وحكاية الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني.
المصدر : الجزيرة
أضف تعليق
قواعد المشاركة