بعد منعهم من الحياة فيه

لبنان يمنع فلسطينيي سورية من الموت على أراضيه

منذ 10 سنوات   شارك:

ليس أصعب على إنسان عاش الأزمة السورية بكل تفاصيلها من قصف وحصار، وشتات، وخوف، وانتقال متكرر، إلا أن يفقد ابنه، وليس أصعب من أن يفقد ابنه إلا أن لا يقدر على دفنه، معاناة لا يمكن لإنسان أن يتصورها، معاناة ليست من الخيال، هي قصة لاجئ فلسطيني سوري نزح إلى لبنان حفاظاً على حياة زوجته وابنه الذي لم يبصر النور بعد.

أيام عصيبة عاشتها عائلة "محمد" فزوجته تعاني من مشكلات صحية أثناء حملها، فقد أصبحت الزوجة ضعيفة البنية خائرت القوى، فما عاشته في الأيام السابقة لا يتحمله الرجال فيكيف بامرأة حامل، قصف على منزلها، والانتقال من منزل إلى آخر هرباً من القصف، ونقص في الطعام، وقلق دائم على زوجها، إضافة إلى التوتر والخوف، هكذا كان حال زوجة "محمد" التي قرر زوجها أخيراً الانتقال معها إلى لبنان فقد دفعه خوفه على ابنه إلى اتخاذ ذلك القرار.


بعد ساعات طويلة أمضتها العائلة على الحدود السورية اللبنانية سمح لها بالدخول إلى لبنان، لم تكن الحياة في لبنان بأفضل من سورية إلا أنها أكثر أمناً، وبعد حوالي الشهرين بدأت الأوضاع الصحية للزوجة بالتدهور، حيث أصبحت في شهرها السابع، تواجهها مشكلات عدة اضطرت الزوج إلى إسعافها إلى العديد من المستشفيات التي رفضت استقبالها "لا أعرف إن كانت التجهيزات هي المشكلة أم أنها لهجتي الفلسطينية؟!،أم وثيقة سفري الفلسطينية السورية، فبعضهم كان يعتذر بشكل مباشر والآخر عندما يرى الوثيقة يعتذر!!" هكذا وصف "محمد" رحلة الإسعاف المضنية التي أمضاها.


يتابع محمد واصفاً المصاعب التي اعترضته"وأخيراً قبلت إحدى المستشفيات باستقبال حالة زوجتي طبعاً بعد حجز وثيقة سفرها وإحضارتحويلة من الأونروا، ليبدؤوا بعد ذلك بالعلاج، فهناك بعض الأدوية اللازمة لاتتكفل الأونروا بمصاريفها يجب علينا دفع ثمنها سلفاً قبل أن يعطوها لطفلي الخديج حتى وإن كانت تلك الأدوية ضرورية وعاجلة فهم ينتظرون دفع ثمنها أولاً وهذا ما حصل معنا خاصة فيما يتعلق بالحقن الضرورية للأطفال الذين يولدون في الشهر السابع،والتي كان ثمن الحقنة الواحدة حوالي 500$.


ولد ابني ذو السبعة أشهر بعد ثلاثة أيام من المخاض العسير، كانت حالة الطفل الصحية حرجة ويعاني العديد من المشكلات المتعلقة بالتنفس، فتم وضعه في الحاضنة، واعطاءه عدداً من الحقن، إلا أن حالته ازدات تدهورا ً، وبعد خمسة أيام توفي طفلي" ويتابع بصوت يخفي فيه حزنه وألمه " كأنما أخذت قطعة من كبدي، اظلمت الدنيا في عيني، أتى الطبيب إلي فظننت أنه سيخفف عني، لكني فوجئت بقوله "عليك أن تبدأ بمعاملات الدفن بسرعة كان الله بعونك أنت فلسطيني"يضيف محمد " لم أكن أعلم بعد ما كان يقصده الطبيب بقوله "الله يكون بعونك أنت فلسطيني"، ذهبت وصديقي إلى الصندوق شعرت أن قدماي لا تقويان على حملي، بعد دفع المصاريف الباهظة، بدأنا بالإجراءات" لحظة...لحظة قاطعنا صوت أحد الموظفين، أنتم فلسطينيون ولا يحق لكم دفن ابنكم في لبنان؟!!، ظننت أنني بدأت أهلوس، اقترب صديقي منه ليعرف التفاصيل وقال للموظف "أين ندفن طفلنا؟؟!! هل هذا كلام؟؟!!، فأجاب الموظف أنه يسمح لكم دفنه فقط في مخيم عين الحلوة، أسرعوا إلى هناك فتلك فرصتكم الوحيدة.


"شعور قاهر أن تحمل بيديك ابنك وأنت لا تقدر على دفنه، هل ضاقت الأرض فينا حتى أنها رفضت استقبال إبني، إبني الذي يدخل الجنة دون حساب، لكن البشر يرفضون منحه قبر؟!!"، هذا ما قاله محمد بصوته المبحوح.


بعد حوالي الساعة وصل محمد إلى مدخل مخيم عين الحلوة، وهناك كانت الصاعقة، فبعد انتظار لعدة ساعات طلبوا منه إذن دخول إلى المخيم، يقول محمد " أخبرنا العسكري أننا نريد أن ندفن ابننا ونخرج وهذا الولد على يدي جثة هامدة "- لم يشفع لنا بؤس الموقف- ألا يحق لي أن أدفنه ؟ " فأجاب العسكري "هل يتسع مخيم عين الحلوة للأحياء حتى يتسع للأموات؟ هذه هي التعليمات !!.


يصف صديق "محمد" المشهد قائلاً: "مشينا حول المخيم ونحن غير قادرين على استيعاب حجم الظلم الذي وقع علينا، حاملين جثة الطفل بين يدينا كدنا أن ننهار في أي لحظة، فعقولنا ما عادت تتحمل ما يحدث أمامنا، وأثناء سيرنا قابلنا أحد العناصر الذي رق قلبه علينا، وأخبرنا أن في العادة يمنع دخول أحد إلى المخيمات دون تصريح مهما كان السبب، لكن ونظراً للحالة التي تمرون فيها سأسمح لكم بالدخول بشرط أن يدخل والد الطفل وشخص واحد فقط، دخلنا ونحن نتجول في المخيم الذي بدى بائساً كحالنا، وصلنا إلى المقبرة التي كانت تغص بالقبور، وبعدها دفنا الطفل".


يضيف محمد " دفنت فلذة كبدي، كنت بحالة لا يعلم بها إلا الله، لم أقدر على استيعاب ما حصل، فمن قتل ودمار وحصار في سورية، إلى تشرد ومعاناة وتضييق في لبنان، فكل شيء ممنوع عنا من الإقامة حتى القبر، أين الإنسانية؟! أين منظمات حقوق الإنسان؟! أين منظمة التحرير الفلسطينية؟! أين الفصائل؟! هكذا اختتم "محمد" حديثه والقهر يكاد يخنقه.


هذه قصة من قصص الظلم والقهر التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان، فقد أصبحت حياتهم هناك عبارة عن معاناة مركبة من معاناة بالإقامة والمعيشة وحتى الموت.

المصدر: مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية



السابق

ورشة تدريبية بعنوان "مدخل إلى قضية اللاجئين وحق العودة" برعاية حملة "انتماء"

التالي

استمرار أزمة اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا ولبنان


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

محمود كلّم

42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!

من الصعب على الذاكرة بعد مرور 42 عاماً على المجزرة، استرجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون