يقتنص بعض الشبان، الوسائل التعليمية الحديثة، ليطوروا أنفسهم ومواهبهم، ويواكبوا التكنولوجيا الحديثة، ليفسحوا أمامهم أفقا جديدا، سواء كان يحاكي تخصصهم، أو في مجالات أخرى تسمح باكتشاف أشياء جديدة.

من هذا المنطلق، بدأ الشاب الفلسطيني محمد تلالوة، من قرية تعنّك شمال غرب مدينة جنين إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، تعلم اللغة الإنكليزية، بينما كان طالبا في مدرسته، إذ لاحظ معلموه قدرته العالية على استيعاب المصطلحات وحفظها والتطور السريع في إتقانه للغة الإنكليزية، وشجعوه على متابعة ذلك، وتقوية لغته بشكل أقوى لتساعده في المستقبل على المستوى التعليمي بالجامعة، أو حتى على صعيد الوظيفة بعد الدراسة.

في تلك الفترة، كان العديد من السياح من دول العالم المختلفة، يأتون إلى قرية تعنّك، لزيارة موقع أثري كنعاني داخل القرية يسمى "تل تعنّك الأثري"، فكان تلالوة يختلط بهم ويتحدث معهم محاولا شرح بعض المعلومات عن هذا الموقع الأثري، وهو ما جعله يمارس تكلم اللغة الإنكليزية ويطورها من خلال الاحتكاك بهم، وشكلت تلك الفترة هاجسا لدى محمد لتطوير لغته أكثر.

يقول محمد تلالوة لـ"العربي الجديد": "قبل ست سنوات، أي في الفترة التي كنت أبحث عن طرق أتعلم بها الإنكليزية بشكل جيد، بدأت بالبحث عبر الإنترنت عن مواقع أستطيع من خلالها التواصل مع أشخاص أجانب، أتعلم من خلالهم اللغة وأقويها، بالإضافة إلى سماع الأغاني الإنكليزية، التي ساعدتني على إثراء لغتي وإتقان نطقها بشكل جيد".

في فترة الثانوية العامة "التوجيهي"، بدأ تلالوة، بتعلم حروف اللغة الفرنسية عن طريق الإنترنت، وذلك من أجل الانتقال إلى لغة أخرى، كان يشارك الكلمات التي يحفظها، مع عدد من الفرنسيين الذين يقابلهم في مركز للموسيقى التحق به وهو في الصف العاشر، وقد استطاع تعلم عدد من الكلمات من الفرنسية، على الرغم من صعوبتها، وفق ما يقوله.

التحق الطالب بالجامعة العربية الأميركية، وقرر أن يدرس تخصص اللغة الإنكليزية، لكن في نفس الوقت كان يتعلم اللغة التركية عبر الإنترنت، من خلال متابعة مقاطع فيديو، ومواقع لتعليم اللغات. ويشير إلى أنه ابتكر فكرة جديدة، بأن يبدأ بتطوير نفسه في التركية، من خلال تعليم ما يتعلمه لعدد من زملائه في الجامعة، وهو ما حدث بالفعل، إذ صار يجمع عددا من الطلاب داخل إحدى القاعات، ويعلمهم الحروف والكلمات التركية.

ويضيف: "عدا عن تعليم الطلبة، كنت أتحدث اللغة مع نفسي خلال فترة التعلم، صرت أقف أمام المرآة، وأبدأ بفتح حوار مع نفسي باللغة التركية، وذلك بسبب قلة الأشخاص الذين أستطيع الحديث معهم بذات اللغة، وقد ساعدني هذا الأسلوب بشكل كبير في نطق الكلمات التركية وتعلمها بشكل جيد".

يتابع محمد الرياضة بشكل دائم، ويفضل الدوري الإسباني، وقد ولدت لديه فكرة متابعة المباريات وسماع المعلقين الإسبانيين، لافتا إلى أن هذه الفكرة كانت جميلة جدا، وحفّزته بشكل كبير للاستمرار بتعلم اللغة، وقد تعلم العديد من الكلمات الأساسية في اللغة، بالإضافة إلى عدد من الكلمات الرياضية، إلى أن تعلم القواعد، حتى أصبح بإمكانه التحدث بالإسبانية بشكل جيد.

لا يزال الشاب تلالوة (22 عاما) مستمرا في مشواره مع تعلم اللغات عبر الإنترنت، إذ يتعلم في الفترة الحالية، اللغة الإيطالية، ولغة إقليم الباسك، مع دوام مراجعته لكافة اللغات التي تعلمها، مشيرا إلى أن الصعوبة في هذا الموضوع، تكمن في قلة الأشخاص الذين من الممكن أن يمارس معهم تكلم اللغات.

بالإضافة إلى تلك اللغات، فإن محمد تعلم لفترة قصيرة اللغة العبرية، وهي لغة الاحتلال الإسرائيلي، وقال: "تعلمت أحرف اللغة العبرية، وقمت بتعليم ما تعلمته لعدد من الزملاء، لكني توقفت لفترة عنها، ومن الممكن أن أعود للتعمق فيها وتعلمها بشكل جيد".

فتح تلالوة، قناة على موقع "يوتيوب" باسمه الشخصي، وذلك في سبيل استثمار ما تعلمه، وممارسته لتكلم اللغة بشكل دائم، وبدأ بنشر مقاطع فيديو، يشرح من خلالها الكلمات الأساسية ومبادئ تعلم اللغات التي أصبح يتقن أساسياتها، وقد حظيت القناة بمشاهدات الآلاف من العرب الذين يبحثون عن تعلم اللغات عبر الإنترنت.

كما يستخدم محمد قناته، لتعليم العزف على بعض الأدوات الموسيقية التي يتقنها، مع شرح مفصّل لكيفية العزف ومبادئ تعلم الموسيقى.

المصدر: العربي الجديد