حكواتي مخيم الشاطئ ينعش ذاكرة أطفاله

منذ 8 سنوات   شارك:

بثقة وحرقة وإتقان أخذت التلميذة إيمان الأستاذ تسرد أمام جمع من تلاميذ مدرستها ومعلميها في باحة مدرسة مخيم الشاطئ الابتدائية لـ اللاجئين بعضا من الأشعار الوطنية للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، وسط ذهول الحضور من قوة أدائها وأسلوب إلقائها المتميز.

اكتشاف موهبة ايمان وقدراتها الإبداعية على القيام بهذا الدور لم تكن لترى النور لولا جهود الشاعر والمعلم غير المتفرغ سليمان عودة المكنى بأبي المظفر، والذي أخذ على عاتقه تقمص دور الحكواتي إيمانا منه بأهمية هذا الفن في تعزيز الانتماء للقضية الفلسطينية وإحياء التراث.

ومنذ سبع سنوات يواظب أبو المظفر على ارتداء ملابس الحكواتي والالتقاء بأطفال مخيم الشاطئ للاجئين بمنزله أو في مدارسهم بلا كلل أو ملل، ليقص عليهم حكايات خيالية مفعمة بالعبر والعظات، وأخرى تاريخية وواقعية تتعلق بالقضية الفلسطينية وملابساتها.

ولا يهدف أبو المظفر من وراء تقمص دور الحكواتي لإحياء عادة شعبية قديمة بقدر استغلالها في توصيل المفاهيم المجردة للأطفال، بغية تمتين أواصر انتماء الأجيال الصاعدة بالقضية الفلسطينية كي لا يخبو وهجها من الذاكرة.

أسلوب مسرحي

وبأسلوب قصصي شيق أقرب إلى السرد المسرحي، يحرص الخمسيني أبو المظفر -الحاصل على شهادات جامعية بالإخراج المسرحي والصحافة واللغة العربية- على جذب انتباه السامعين الأطفال وإنعاش ذاكرتهم وتبصيرهم بمحطات القضية الفلسطينية ومآلاتها.

وتقوم مبادرة أبي المظفر على انتقاء الأشعار والمادة والتاريخية والقصص التراثية وسردها على التلاميذ وجعلهم يعيشون الأحداث وكأنهم جزء من تفصيلاتها، ومن ثم انتقاء عدد من الأطفال للقيام بدور الحكواتي ومهامه بعد زيادة تعمقهم المعرفي والثقافي بجوانب القضية الفلسطينية المختلفة.

ومهمة الحكواتي بالنسبة لأبي المظفر أيضا وسيلة لجذب الأطفال وتبصيرهم بالأسباب التي جعلتهم يعيشون ظروفا صعبة نتيجة طرد أجدادهم من أرضهم وحرمانهم من العودة إليها، لافتا إلى أن علامات تأثر الأطفال وسرعة استجابتهم للأهداف المرجوة من حكاياته تظهر جليا من خلال تفاعل الأطفال واندماجهم مع بيئة القصة.

ويرى الرجل المحبب لأطفال المخيم أن الأجيال الفلسطينية في الوقت الحالي بحاجة ماسة لترسيخ الحس الوطني وتعزيز آمالها بالعودة إلى الأرض والديار، فالظروف المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية باتت "تحرف بوصلة اهتمام الأجيال عن جوهر الصراع".

ويحرص صاحب مبادرة الحكواتي -التي ذاع انتشارها في عدد من مدارس منطقة غزة- على ألا يلج في حديثه مع الأطفال إلى القضايا التربوية والوطنية قبل البدء بفقرات ترفيهية ممتعة مستوحاة من القصص الخيالية، بهدف استدراج أذهان مستمعيه إلى حكايته التاريخية وأشعاره الوطنية.

ود.. تفاعل

كما لا يفوته أيضا بث روح الود والتفاعل مع جمهور المتلقين أثناء سرد حكاياته كي يشركهم في القضية المثارة إلى أن يصبحوا جزءا منها، فيضطرهم إلى اقتراح الحلول لأجلها، وتبيان مواضع القوة والإخفاق فيها، بأسلوب مبسط معتمد على الواقعية في الطرح والتناول.

ولأن الموت غيب معظم أبناء جيل النكبة، يرى أبو المظفر أن دور الحكواتي بات مهما جدا، لينوب عن الأجداد في تثقيف وتوعية الأحفاد بما تعرض له الفلسطينيون من ظلم وتقتيل، ومن أجل تعزيز تعميق قيم الانتماء والإيثار والصبر وحب الوطن.

ويطمح أبو المظفر إلى تعميم فكرة الحكواتي لتشمل الأمهات في المنازل من أجل حثهن على الاستفادة من هذا الأسلوب في تعزيز السلوك الايجابي في المجالين التربوي والوطني، كي لا تبقى القضايا الوطنية فكرة مجردة يصعب على الطفل معايشة تفاصيلها أو ملامسة جوهرها.
 

المصدر: الجزيرة 



السابق

ليلة فلسطينية في قبرص التركية

التالي

1600 فلسطيني مغيبون في سجون النظام


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ شعبهِ!

القمع لا يقتل الأفكار، بل يورثها مزيداً من الاشتعال. وكل كلمة مكتومة تتحول جمراً تحت الرماد، تنتظر ريحاً صغيرة لتتحول ناراً تعصف ب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير