والتر غريب.. فلسطيني تشيليّ على بساط سحري
من أصول فلسطينية، ولد والتر غريب في 16 مارس/ آذار 1933 بقرية ريكينوا التشيلية (على بعد 120 كلم جنوب سانتياغو دي تشيلي)، ومنذ ذلك الحين تغذت ذاكرته بحكايات أجداده الشفهية المدهشة، كما تغذت بحكايات ألف ليلة وليلة. أجداد أربعة، من أم وأب، هاجروا من فلسطين عام 1910 هربًا من الإمبراطورية العثمانية واستشرافًا لحرب قادمة لم تتأخر كثيرًا. جداه من أبيه وصلا إلى الأرجنتين أولًا، ثم ما لبثا أن رحلا إلى تشيلي ليعملا في التجارة بالفواكه في قرى الجنوب، واستقر بهما الحال في "ريكينوا". جدان أميان، غير أنهما تمتعا بثقافة واسعة، ثقافة انتقلت للأبناء والأحفاد.
درس غريب سنواته الأولى بمدرسة حكومية، ثم انتقل لمدرسة رهبان داخلية قضى بها عامين. وفي عام 1944 انتقلت عائلته إلى العاصمة سانتياغو، وهناك عمل في تصنيع النسيج بجانب دراسته في مدرسة إنكليزية درس بها الأدب على يد شعراء مثل روكي استيبان سكاربا وأنخل كوستوديو. ثم التحق بالليسيه الحكومية وتلقى تعليمًا علمانيًا وإنسانويًا فكان مدرسوه كتابًا مثل ألفونسو كالديرون وفرناندو كوادرا وإرنستو ليفاسيك، وشجعوه على الكتابة. بداية من هذه اللحظة سيتواصل مع جماعة مسرحية وأكاديمية أدبية، وسينشر قصصه الأولى هناك.
يلتحق غريب بالجامعة الكاثوليكية ويدرس الفنون الجميلة عام 1954، ثم يدرس الحقوق بجامعة تشيلي. وفي لحظة متأخرة، يعترف الكاتب الفلسطيني/ التشيلي بأنه أخطأ في اختيار دراسته الجامعية، فرغم أنه يحب الرسم وأفادته دراسة القانون، إلا أنه كان يتمنى أن يذهب للأدب مباشرة لمواصلة تقليد أجداده الحكائي، وخاصة أبيه الذي كان رجلًا مثقفًا رغم أنه لم يكمل دراسته في فرع الإنسانيات، وكان تقدميًا في قناعاته ومارس العمل السياسي لفترة وجيزة، وورّث ابنه مكتبة كبيرة ضمّت آداب العالم، باتت بالنسبة للابن منهلًا مستمرًا وثريًا. أما أمه، فكان لها أثر في تكوين ذوق موسيقي ودفعته لممارسة الأنشطة اليدوية الفنية، وشجعته على الرسم وكتابة الشعر، رغم أنه انحاز في النهاية للكتابة النثرية.
في عام 1963 نشر غريب مجموعته القصصية الأولى "الحبل الصلب"، وبداية من 1965 يبدأ في كتابة الروايات ليفوز عام 1972 بجائزة نيكوميديس جوثمان التي يمنحها اتحاد الكتاب التشيلي، لينشر بعد ذلك في المكسيك وإسبانيا بالإضافة لتشيلي، كما يفرغ وقتًا لكتابة مقالات للصحف، ثم يشغل منصب رئيس اتحاد الكتاب لثلاث دورات متتالية.
نشر غريب 15 كتابًا ما بين القصة والرواية، لعل أهمها "مسافر البساط السحري" التي يستلهم فيها رحلة أجداده من فلسطين إلى تشيلي، كما يستلهم حكاية البساط السحري الملتصقة بالتراث العربي. كذلك "اليوم غد الأمس" و"الليلة السابقة" و"جنازة تحت المطر" و"قابيل الآخر" و"رجل الوجه المستعار" و"ليالي المحاكمة الأخيرة" و"الصياد والعملاق".
المصدر: ضفة ثالثة
أضف تعليق
قواعد المشاركة