إبداع أسير فلسطيني محرر يخلق من مخلفات البيئة تحفا فنية

منذ 7 سنوات   شارك:

أربعة عشر عاما أمضاها الفلسطيني أيمن عبدربه من قرية قوصين غربي نابلس، داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، أوجدت لديه رغم صعوبتها ومرارة البعد عن عائلته وأحبابه، موهبة الإبداع والاختراع، فصنع الكثير من اللا شيء، وتمكن بفضل إبداعاته وخلال عمله في "سلطة جودة البيئة" الفلسطينية، من ابتكار مشروع لتدوير مخلفات البيئة.

"قدس برس" التقت بالأسير المحرر عبدربه في مكان عمله بمدينة نابلس، وأطلع مراسلنا على مشروعه الفني الذي يواصل العمل عليه منذ سبع سنوات، موضحا تفاصيله وأفكاره المبدعة التي غيّرت نظرة الكثيرين لا سيّما طلبة المدارس، نحو المخلفات البيئية التي استطاع الاستفادة منها وتحويلها إلى وسائل تعليمية وألعاب مسلية وتحف فنية جميلة.


ولادة الفكرة

عن ولادة مشروعه، قال عبدربه (43 عاما)، إنها جاءت بعد لقاء توعوي بالبيئة في إحدى مدارس المدينة، شارك فيه إلى جانب مجموعة من الطلبة أبدوا عدم اكتراثهم بموضوع اللقاء، ومن هنا كانت البداية؛ فبلور فكرة تقوم على أساس تنظيم لقاءات تفاعلية وتربوية سعى من خلالها لتقديم رسائل تربوية وسلوكية بيئية.

وأضاف انه بدأ بالتفكير أيام طوال في أسلوب جديد وتفاعلي ومرح، يتم خلاله تطوير أسلوب التوعية البيئية، مستفيدا من تجاربه في مرحلتي الطفولة والمدرسة، وكذلك سنوات الاعتقال الطويلة التي أمضاها في سجون الاحتلال، حتى تمكن من صناعة بعض الألعاب من أبسط المخلفات، ومنها لعبة موضوعها السلوكي وضع النفايات في المكان الصحيح، وأخرى عن المحافظة على الطيور ومكانها الأشجار وليس الأقفاص الحديدية، وكذلك لعبة أخرى عن التنوع الحيوي الحيواني، وغيرها من الألعاب التي يمكن استخدامها كأسلوب تفاعلي مرح في التوعية البيئية بالمدارس وميادين الأطفال، ويتعلم منها الطالب كيف يبني علاقة احترام وحب مع بيئته ومصادرها ومواردها الطبيعية.

وأشار عبدربه إلى أن هذه الألعاب لاقت إقبالا كبيرا وصدى بعد مشاركته في بعض المسابقات التربوية في مدارس المدينة، لتنهال عليه دعوات المشاركة بالألعاب البيئية التي استطاع تطويرها وزيادة أعدادها، في أنشطة بيئية مختلفة في معظم مدن الضفة الغربية، وكذاك في لقاءات التوعية البيئية في المدارس الحكومية والخاصة والوكالة ورياض الأطفال والنوادي والمخيمات الصيفية والأمسيات الترفيهية والمعارض المختلفة.

وبيّن أن قدرته الإبداعية لم تقتصر على صناعة الألعاب بل إنه يعمل بشكل دائم على عقد ورشات عمل لمعلمي ومعلمات المدارس المختلفة لعرض تجربته وإعطائهم فنيات توضيحية للاستفادة من المخلفات البيئية، في عمل وسائل توضيحية للطلاب، وكذلك عقد ورشات فنية لمجموعات من طلبة المدارس وتعليمهم كيف يصنعون من النفايات والمخلفات فنا جميلا، خاصة عبوات الكولا والعصائر الفارغة التي صنع منها أنواعا من الورود وقوارير الزراعة وغيرها من الأشياء المفيدة، الأمر الذي يعود على البيئة بالفوائد ويحميها من المخاطر.


مجالات الابتكار والإبداع

وحول المجالات التي أبدع خلالها عبد ربه، وتمكن فيها ابتكار الكثير من المخلفات، ذكر أنه يستطيع صناعة العشرات من الألعاب التربوية البيئية من المخلفات الصلبة، حيث يتم تحويل المخلفات الصلبة من خشب وحديد وبلاستك إلى ألعاب تربوية سلوكية في مجال البيئة، والتي تهدف إلى تقديم أسلوب التربية البيئية بشكل تفاعلي بنَّاء أثناء لقاءات ودروس التوعية في ميدان التربية والتعليم ومؤسسات الطفل بشكل عام، وكذلك صناعة الوسائل التعليمية من المخلفات الصلبة، عبر تحويلها إلى وسائل تعليمية مساندة ومساعدة في المسيرة التعليمية للمدرسة، وهي تفيد المعلم والطالب وربة البيت في تقديم المادة التعليمية بشكل بسيط.

وتابع " تمكنت كذلك من صناعة المجسمات المفيدة والجميلة، منها المجسمات الدينية والسياحية والعلمية والتعليمية والوطنية والتراثية وغيرها، وكل ذلك من مخلفات الورق، بالإضافة إلى صناعة الورود من العبوات البلاستيكية، التي يتم تحويلها إلى أشجار ورد جميلة للتزيين".

ولفت عبد ربه إلى قدرته على صناعة الكراسي والمقاعد والطاولات وسلال النفايات والأكواخ من العبوات البلاستيكية، ناهيك عن صناعة المفيد والجميل من إطارات السيارات، كالمقاعد والكراسي والطاولات وقوارير زراعية وألعاب مدرسية.

وأكد أنه تمكن طوال السنوات الماضية من استخدام المئات من أطنان المخلفات البيئة من الأوراق والأخشاب والحديد، وكذلك الآلاف من العبوات البلاستيكية وإطارات السيارات، مشيرا إلى أنه نقل هذه الخبرة إلى كثير من أصدقائه في العالم العربي، خاصة تونس، العراق، الجزائر، الأردن، والسودان، وغيرها من الدول وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


الفائدة والأهمية

وقال إن هناك رسائل عديدة تبرقها الابتكارات البيئية التي تمكن من تحقيقها، أهمها المحافظة على البيئة قدر الإمكان وصناعة فن جميلٍ منها، والمساهمة في إنشاء جيل يحترم بيئته بعلاقته مع مواردها وعناصرها ومقدراتها الطبيعية، بالإضافة إلى إرشاد المربين بأن يفكروا جيدا كيف يصنعون الوسائل المساعدة في إيصال المعلومة للأطفال بشكل سهل ومرح وبأقل الإمكانيات والتكاليف.

وعن أهمية الابتكارات والألعاب التربوية التي أبداها الفلسطيني عبد ربه، رأى أنها تساهم في إكساب الطلبة المستهدفين منها، سلوكيات المحافظة على بيئتهم بأسلوب التعلم عن طريق اللعب، كما تُكسب المعلم القدرة على تقديم المادة العلمية بشكل سهل ومرح لطلابه بمختلف الأعمار.

وأشار إلى أنها تساهم أيضا في تطوير التوعية البيئية، والانتقال من أسلوب التلقين في التعليم إلى أساليب تفاعلية، بالإضافة إلى التقليل من مخلفات البيئة المنزلية والمدرسية عن طريق استخدامها في الأشغال اليدوية وصناعة الوسائل التعليمية.


بريق أمل رغم العقبات

وعلى الرغم من المثبطات التي واجهته في ميدان العمل، وعدم تأمين المستلزمات، التي اعتمد على ذاته في توفيرها والبحث عنها، إلا أنه لا يطمح بعوائد ماليه، بل دفع من جيبه الكثير في سبيل تحقيق الغايات والرسالة التي حلمها على كاهله، ولا ينقصه سوى مكان يضع فيها مستلزمات عمله وكذلك الابتكارات التي ينجزها من المخلفات التي يعمل بجهد شخصي على جمعها، بالإضافة إلى حاجته لمركبة تسهل عليه التنقل إلى المدارس وأماكن اللقاءات والدورات البيئية التي يشارك فيها، كما يقول عبد ربه.

وشدد المحرر على أن ابتكاراته تُعطي فرصة حقيقية وعملية للأسرى المحررين في تمكينهم من خدمة أبناء شعبهم بإبداعاتهم التي اكتسبوها داخل الأسر، وكذلك فإن الموظف يستطيع أن يبدع ويعمل وينتج بأقل الإمكانيات إذا فكر وصمم على العمل والنجاح.

كما عبّر الفلسطيني المبدع عن أمنياته بأن يصل كل ما ابتكره لكل طفل فلسطيني وعربي ولكل أطفال العالم، حتى تساهم في بناء جيل يحترم البيئة العالمية، وتصلح ما أفسدته الأيادي من عبث في موارد حياة البشر الحياتية، على حد تعبيره. 

 

المصدر: وكالة قدس برس 



السابق

فلسطين تتميز في بطولة العالم للهواة بلعبة كمال الأجسام

التالي

كندا تمنع تناول منتجات "Sabra" الاسرائيلية نتيجة "حمص ملوّث"


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.