العرب اليوم : حيفاعلى مدار يومين، ترددت رياح حيفا على أرض عمان، في بوح أدبي ثقيل الطراز، وفي جولة شعرية وروائية خالصة على بحور الإبداع الفلسطيني في الحديث عن تاريخ المدينة، لا سيما الحديث عن أن الإحتلال الإسرائيلي أنجب معاناة لم تمنع كتّاب الأدب العربي الفلسطيني من الكتابة والتميز والحديث عن القرى والمدن بوصفها وصورها الحقيقية.

مهرجان «ذاكرة مدينة.. ذاكرة مثقف.. عائد إلى حيفا»، كان حاضنا لكل تفاصيل الحديث والشعر عن هذه الصور الحيفاوية الذي نظمه رابطة الكتاب الأردنيين، في مركز الحسين الثقافي، حيث تضمن المهرجان يوم ندوة تحدثت عن مبدعين من مدينة حيفا وجوارها، في الجلسة التي أدارها الزميل حسين نشوان. تحدث الكاتب والباحث فتحي فوراني في ورقته عن الشاعر الفلسطيني حنا أبو حنا ودوره في تحصين وعي الأجيال الفلسطينية تحت الاحتلال، من خلال قصائده وأبحاثه ومقالاته، وكذلك من خلال قيادته للكلية العربية الأرثوذوكسية في حيفا، التي مثلت صرحا وطنيا وقوميا مهما في الدفاع عن عروبة الأرض واللغة كما قال فوراني، مضيفا أن معظم الأدباء الفلسطينيين الذين برزوا بعد الاحتلال قد خرجوا من معطف حنا أبو حنا.

وقدم الناقد والشاعر د. محمد عبيد الله ورقة نقدية عن الراحل غسان عباس مستعرضا انجازاته العلمية والأدبية في البحث والتحقيق والنقد وما كتبه من نصوص أدبية، متوقفا عن كتاب سيرته الذاتية (غربة الراعي) الذي تحدث فيه عن قريته (عين غزال) وعن مدن فلسطينية أخرى ومن بينها حيفا التي أكمل فيها دراسته الثانوية، كما تحدث د. عبيد الله عن بعض ملامح سيرة د. عباس من خلال بعض القصائد التي جاءت في مجموعته الشعرية الوحدية (أزهار برية)، مشيرا أن د.عباس اهتم بالبحث أكثر من اهتمامه بالسياسة على عكس غيره من الأدباء والمثقفين الفلسطينيين.

وأقيمت تاليا جلسة ثانية عنوانها «حيفا في عيون أبنائها»، اشتملت على معرض الفن التشكيلي للفنان عبد عابدي، كما تحدث فيها د. سميح مسعود عن «كتاب حيفا – برقة: البحث عن الجذور»، ود. ماجد الخمرة تحدث عن «كتا مارغاروش – ومضات من حيفا»، ومن ثم عرض فيلم (على أجسادهم مجزرة الطنطورة)، وهو من إنتاج مركز دراسات وأبحاث اللاجئين، من إخراج عرب لطفي. كما عرضت مقابلة تلفزيونية مع الناقدة والروائية المصرية رضوى عاشور صاحبة رواية (الطنطورية).

وكان رئيس الرابطة الدكتور موفق محادين قال في الافتتاح: «إن حيفا هي أيقونة الماء»، لافتا النظر إلى ان المهرجان هو الثاني الذي تقيمه رابطة الكتاب تكريما واحتفالا واستذكارا وتأكيدا، لمكانة وأهمية ودلالة الحواضر البحرية العربية الفلسطينية شرق المتوسط، «حيث كانت البداية مع يافا، واليوم مع حيفا ثم مع غزة وهكذا». وشدد محادين على أن هذا الخيار لم يكن اعتباطا آو عفويا، فكل ذرة تراب عربية في فلسطين وغير فلسطين مقدسة وحق للأمة غير قابل للقسمة أو النقصان».
واشتمل المهرجان، في يومه الأول على عرض فيلم «سقوط حيفا»، الذي يعرض لأول مرة، وهو من إنتاج مركز دراسات وأبحاث اللاجئين، وإخراج نادر عمار.

وعقدت الجلسة الأولى في اليوم الأول من المهرجان تحت عنوان «حيفا المقاومة»، ترأسها الدكتور سفيان التل، وشارك فيها نجل الشهيد محمد حمد الحنيطي (1913-1948) الذي هو من أوائل الشهداء الأردنيين على أرض فلسطين، عبد الرزاق الحنيطي حيث تحدث عن سيرة والده النضالية الذي ولد في بلدة أبو علندا على أطراف مدينة عمان، حيث كان قائدا للواء حيفا آنذاك، مستعرضا بعض المعارك التي خاضها في سبيل الدفاع عن فلسطين وعن كرامة استقلال وشرف الأمة العربية.

وتحدث الكاتب والباحث عوني فرسخ عن المناضل «عز الدين القسام» (1871 – 1935) في مدينة جبلة في محافظة اللاذقية في سورية، مبينا أن القسام هو أول من دعا إلى اعتماد الكفاح المسلح خيارا استراتيجيا في الصراع ضد الاستعمار وأداته الصهيونية.

وفي الجلسة الثانية بعنوان «مجازر حيفا»، التي ترأسها الدكتور بسام أبو غزالة، تحدث فيها: محمد ابو عريضة عن «طيرة حيفا نموذجا»، وعبد الصمد أبو راشد وتحدث عن «محرقة الطيرة»، ومحمد صالح محمد البدر تحدث عن «ذاكرة طفل مهاجر»، وتحت عنوان «حيفا قبل وتحت الاحتلال».
وترأس الجلسة الثالثة الدكتور زياد أبولبن، وتحدث فيها: الدكتور مكرم خوري حول «المدن المختلطة في ظل الاحتلال»، والدكتور جوني منصور عن «المشهد الثقافي والاجتماعي قبل النبكة»، وفتحي فوراني عن «تجربة الصحافة على اللغة العربية في حيفا».

وقد اختتم المهرجان بتكريم شخصيات حيفاوية وشخصيات سكنت حيفا في قلوبهم، إضافة للمشاركين في المهرجان، وقد رافق المهرجان في يوميه معرض للكتاب: أزبكية عمان، ومركز لبيع صور من حيفا.