هل يدعم العرب المختلفون المصالح الفلسطينية؟
ماجد توبة
كاتب صحفيلم يكن أحد يراهن كثيراً على أن قمة الكويت التي اختتمت أمس يمكن أن تنهي الخلافات العربية البينية، التي استحكمت خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك بالرغم من الجهود الحميدة التي بذلتها الكويت لإنجاح القمة، وجمع المتخاصمين في قاعة المؤتمر.
كذلك، لم يبنِ أحد توقعات كبيرة على قدرة القمة ولقاء الزعماء العرب على تقديم حلول ومقاربات سياسية لملفّي الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وتعثر المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، في ظل غياب الضغط الدولي والعربي، بحده الأدنى، على "إسرائيل" للإقرار بالشرعية الدولية.
مع ذلك، يمكن التوقف ملياً عند فكرتين أو مبادرتين طرحتا في القمة، يمكن البناء عليهما وتطويرهما إن صدقت النوايا الرسمية العربية في اعتبار القضية الفلسطينية مدخل كل المشاكل والشرور في المنطقة والإقليم، وأن مِن معالجتها تنطلق الحلول لأغلب مشاكل الإقليم والعالم.
ففي هذا السياق، طرح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته الافتتاحية للقمة، اقتراحا أو مبادرة، لاستضافة بلاده قمة عربية مصغرة، بمشاركة الدول العربية التي ترغب، تخصص لتحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية. وهي دعوة سارعت حركتا "فتح" و"حماس" إلى الترحيب بها.
فيما جاء الاقتراح أو المبادرة الثانية، في هذا السياق، من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الذي دعا في كلمته بالقمة إلى التوجه بملف القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية، في مواجهة رفض وتعنت "إسرائيل" في الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومواصلتها لسياساتها العدوانية بقضم الأرض وتهويد القدس والتوسع بالمستعمرات.
قد تبدو المقاربتان أو المبادرتان اللتان تقدمت بهما قطر وأمين عام الجامعة العربية، بهذا الخصوص، هما التحرك السياسي الأكثر جدوى في هذه المرحلة، لمواجهة تعثر عملية السلام، وتحركات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتهرب "إسرائيل" من مفاوضات حقيقية مع القيادة الفلسطينية، تقر فيها بالشرعية الدولية وبحقوق الشعب الفلسطيني بحدودها الدنيا.
فالمصالحة الوطنية الفلسطينية الداخلية، وإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنهاء الانقسام الفلسطيني بن "فتح" و"حماس"، والممتد من العام 2006، هو المدخل الوحيد اليوم لتصليب الجبهة الفلسطينية، وتعظيم نقاط القوة والمنعة للشعب الفلسطيني في مواجهة أعتى احتلال في التاريخ. وأي طريق أخرى، سواء بالانخراط بمشروع كيري أو غيره، لإطلاق مفاوضات عبثية قد تمتد لسنوات، وتمكن "إسرائيل" من قضم ما تبقى من حقوق وأراض فلسطينية، ستكون طريقا خاطئة ومدمرة، إن استمر الانقسام.
أما التوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، كما اقترح أمين عام الجامعة العربية، فهو الخيار الأجدى من خيار "إطار كيري"، لمواجهة التضليل الإسرائيلي بالرغبة في المفاوضات والسلام مع الشعب الفلسطيني، فيما تواصل على الأرض سياساتها العدوانية، وابتلاع ما تبقى من أراض وحقوق.
فالذهاب لمجلس الأمن بالقضية الفلسطينية، وإن لم يكن مأمولاً منه تحرير فلسطين أو إلزام "إسرائيل" بتطبيق القرارات الدولية، فإنه كاف لتعرية "إسرائيل" ككيان مارق، يرفض الالتزام بالشرعية الدولية، ويسهم في حشرها وحشر من يناصرها من دول غربية في الزاوية أمام الرأي العام الدولي من جهة، ومن جهة أخرى، يرفع الضغط والحرج عن القيادة والشعب الفلسطينيين، المطالبين اليوم بالالتحاق بركب كيري، رغم كل الإجحاف والتنازلات التي يتضمنها إطاره ومشروعه لحل القضية الفلسطينية.
المصالحة الفلسطينية بغطاء ودفع عربيين، ونقل ملف الصراع العربي-الإسرائيلي إلى مجلس الأمن والامم المتحدة، قد يكونان خيارين واقعيين وعمليين اليوم أمام العرب، في انتظار أن يغير الله الأحوال وموازين القوى!
صحيفة الغد الأردنية