تحيّة من فلسطين إلى اليمن!
محمود كلّم
كاتب فلسطينيمن فلسطين إلى اليمن: أنتم النخوة حين غابت، وأنتم العزَّ حين انحنى الزمان!
في زمنٍ تهاوت فيه الأقنعة، وبات الصمتُ لغة المذنبين،
نهض اليمن كما ينهض الفجر من ليلٍ طويل، وحمل راية الحقّ حين سقطت من أيدي الضعفاء،
وغرس في قلب فلسطين وردة وفاءٍ لا تذبل.
فمن بين الجراح الممتدّة من غزة إلى صنعاء،
يتعانق الوجع بالعزّة، والدمع بالكرامة،
ويكتب شعبان أصيلان سطراً جديداً من معنى الأخوّة العربية التي لا تموت.
من قلب فلسطين الجريحة، من بين أنقاض غزة الصامدة،
ومن كلّ بيتٍ فقد شهيداً أو هُدم فوق أحلام أطفاله،
نوجّه إليكم – يا أهل اليمن الأحرار – رسالة محبّةٍ واعتزازٍ وتقديرٍ، لا تُكتب بالحبر، بل تُسطّر بدموع الفخر ودقّات القلوب الصادقة.
أيّها الشعب اليمنيّ العظيم،
لقد أثبتم للعالم أنّ الكرامة لا تُقاس بما تملك الأيدي من مالٍ أو قوّة، بل بما تملكه القلوب من صدقٍ وإيمانٍ ونخوةٍ عربيةٍ أصيلة.
في زمنٍ باع فيه البعضُ مواقفهم بثمنٍ بخس، كنتم أنتم – يا أبناء اليمن – صوت ضميرِ الأمّة يصدح بالحقّ،
ورايةً ترفرف بالعزّة في وجه كلّ ظالمٍ وطاغية.
من الشمال إلى الجنوب، من صنعاء إلى عدن، من تعز إلى حضرموت،
توحدت قلوبكم مع قلوبنا، وتردّد صداها في كلّ بيتٍ فلسطينيّ:
"اليمن معنا، واليمن مع فلسطين."
كانت كلماتكم ووقفتكم ومظاهراتكم ومواقفكم الإنسانية
نبراساً من نورٍ وسط هذا الظلام العربيّ المطبق.
يا أبناء سبأ وحِمْيَر، يا أحفاد التاريخ والمجد،
ما فعلتموه ليس غريباً على أمّةٍ عُرفت بصدقها وصلابتها وإيمانها، أمّةٍ ما انحنت إلا لله، وما باعت ضميرها رغم الجراح والحصار والحروب.
أنتم اليوم تكتبون بأفعالكم صفحةً مشرقةً في كتاب العروبة، لتقولوا للعالم: "من أراد أن يرى العزّة، فلينظر إلى اليمن."
من فلسطين إليكم ألفُ تحيّةٍ وسلام،
تحيّةٌ من أمٍّ ثكلى رفعت يديها بالدعاء لكم، وتحيّةٌ من طفلٍ في غزة رسم علم اليمن إلى جانب علم فلسطين على جدار بيته المهدَّم، وتحيّةٌ من كلّ حرٍّ فلسطينيّ يرى فيكم إخوة الدم والعقيدة والمصير.
سيبقى اسمُ اليمن محفوراً في ذاكرة كلّ فلسطينيّ،
وسنعلّم أبناءنا أنّ هناك، في جنوب الجزيرة، رجالاً ونساءً وقفوا معنا يوم تخلّى الكثيرون،
وأنّ هناك شعباً عظيماً اسمه اليمن،
آمن أنّ الحرية لا وطن لها إلا في قلوب الأحرار.
جزاكم الله عن فلسطين خير الجزاء،
وحفظ الله اليمن أرضاً وشعباً،
ورفع عنكم كلَّ بلاءٍ كما رفعتم عنّا ألم الخذلان بمواقفكم المشرّفة.
من فلسطين إلى اليمن: كلّ الحب، كلّ الفخر، وكلّ الوفاء.
*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
أضف تعليق
قواعد المشاركة