يا لعارنا.. ويا لعزّة غزة!

منذ 5 ساعات   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني


هم قبلوا منّا خذلاناً لم يكونوا يستحقونه، تركناهم في العراء وحيدين، يواجهون عالماً بأسره بصدور عارية وقلوب ملؤها اليقين. قاوموا بينما نحن اكتفينا بالدعاء، قاوموا بينما كنا نتعلل بالعجز. ومع ذلك ظلوا شامخين، يخطّون بدمائهم حكاية لا يمحوها الزمن.

العزّة ليست في وفرة السلاح ولا في كثرة الحلفاء، العزّة تولد من قلبٍ منكسر لكنه لا يستسلم، من روحٍ تعرف أن الحق أكبر من كل سطوة. وحين نتأملهم، ندرك أنهم لم يُعطوا خياراً سوى الثبات، ولم يعرفوا سوى أن يسيروا إلى الأمام، ولو كان الطريق محفوفاً بالموت.

أتذكّر يوسف عليه السلام، كيف تآمر عليه أقرب الناس إليه، كيف ألقوه في الجبّ، وكيف باعوه غريباً، لكنه خرج من محنته مكرماً، عزيزاً لا يُقهر. وكذلك هم، أُريد لهم أن يُكسَروا، فإذا بهم يزدادون صلابة، وأُريد لهم أن يُذلّوا، فإذا بجباههم تعلو نحو السماء.

إنه لأمر محزن أن يقفوا وحدهم في مواجهة الظلم، لكنه في الوقت نفسه مدعاة للفخر، أن نرى كيف تصنع العزّة من ركام الخذلان، وكيف تشرق الكرامة من قلب الحزن.

نسأل الله أن ينصرهم، وأن يعزّهم عزّاً لا يزول، كما أعز يوسف بعد غدر إخوته، وأن يجعل من صبرهم ميراثاً للأمة،
ومن دموعهم يتولّد نورٌ يبدّد ليل هذا العالم القاسي، الظالم، المنافق.

لكن الحزن الأكبر ليس في جراحهم وحدها، بل في صمتنا نحن، في تخاذل أمة كاملة، في عجز العرب والمسلمين الذين باعوا الصوت قبل السيف، وفي عالمٍ يدّعي الإنسانية بينما يتركهم يذبحون أمام عينيه. أيُعقل أن تُترك غزة وحدها تقاوم هذا الجحيم؟ أيُعقل أن نصمت حتى صار صمتنا جريمة؟

إنهم يقفون اليوم عزّةً لنا جميعاً، بينما نحن انكسرنا بالخذلان.
وسيسجّل التاريخ أن أطفالاً ورجالاً ونساءً وشيوخاً عُزَّلاً كانوا أكرمَ وأشرفَ من أُمّةٍ كاملةٍ تواطأت و صمتت. يا لعارِنا... ويا لعزّتِهم!

*محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!

حين جلس الذئب إلى صغيره يُعلّمه الحذر، قال له:  "إيّاكَ ومن يُشبهك ولا ينتمي إليك، فخطرُه أعظمُ من كلّ ما تخشاه." واليوم لو مرّ … تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير