يكفيكم شرفاً… يا أبطال أسطول الصمود!
محمود كلّم
كاتب فلسطينييكفيكم شرفاً أنكم حاولتم، وحاولتم رغم أن البحر كان محاصَراً، ورغم أن الموج كان شاهداً على ظلم هذا العالم. حاولتم أن تكسروا القيود بسفنكم البسيطة، أن تفتحوا نافذة أمل لأرضٍ تخنقها الجدران والأسلاك، وأن تقولوا للعالم إن هناك أحراراً لم يبيعوا ضمائرهم.
يكفيكم شرفاً أنكم لم تتذرعوا بأعذارٍ واهية، ولم تخافوا من البحر ولا من سطوة من يحاصرونه. مضيتم وأنتم تعلمون أن الطريق محفوف بالمخاطر، وأن المصير قد يكون سجناً أو حصاراً أو حتى موتاً، لكنكم مضيتم بإيمانٍ لا يتزعزع بأن الحق يستحق التضحية.
يكفيكم شرفاً أنكم فضحتم تآمر وتخاذل المجتمع الدولي. بأسطولكم المتواضع أحرجتم أساطيلهم العملاقة، وبمواقفكم الشريفة كشفتم صمتهم المريب، وبيَّنتم أن ما يُسمَّى بالقوانين والمواثيق الدولية ما هو إلا شعارات جوفاء تسقط عند أول اختبار أمام الدماء والكرامة.
يكفيكم شرفاً أنكم أحرجتم الجبناء وتجار الشعارات في هذا العالم المنافق. أنتم الذين لم تتاجروا بالحرية بل عانيتم من أجلها، ولم ترفعوا الشعارات المزيفة بل صنعتم موقفاً حقيقياً يُكتب بمداد الفخر. تركتم أثراً لن يُمحى، ورسالة لن تُنسى، بأن في هذا العالم ما زال هناك رجال ونساء يعرفون معنى الشرف والكرامة، والشهامة والشجاعة، والحرية والنخوة.
يا أبطال أسطول الصمود… يكفيكم أنكم حاولتم حين استسلم الآخرون، وخاطرتم حين تقاعس المتشدقون، وصنعتم من سفنكم الصغيرة عنواناً للكرامة في وجه بحرٍ يعج بالخيانة.
يكفيكم شرفاً أن التاريخ سيسجِّل أسماءكم لا في قوائم الهزيمة، بل في صفحات العزّة التي لا يطويها النسيان.
محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
أضف تعليق
قواعد المشاركة