إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها
محمود كلّم
كاتب فلسطيني
في ذكرى استشهادك، أيها الشهيد، وأب الشهيد، وصديق الشهداء،
يتجدد الوجع كأن دمك ما زال طريّاً فوق تراب فلسطين.
كنتَ وحدك من لبّى نداء غزة، كنتَ صوتها حين صمت العالم،
وسيفها حين انكسرت السيوف وتاهت الكلمات.
وقفتَ في وجه الاحتلال، وحملتَ روحك على كفّك،
ووهبتَ دمك رخيصاً لأجل أرضٍ عطشى للحرية،
لأجل أطفالٍ يحلمون بسماء بلا طائرات،
وبحر بلا حصار، وليل بلا قصف.
غزة اليوم تبكيك، كما تبكي أبناءها الذين يرحلون كل يوم،
تنام على أصوات الانفجارات وتصحو على رائحة الركام،
وتخبئ أطفالها تحت أجنحة الخوف علّهم ينجون.
في شوارعها، البيوت التي تهدمت تروي حكايات الصمود،
والبحر الذي حُوصر مثلها يضج بالغضب،
فلا يصل إليه سوى دموع الأمهات ونداءات الثكالى.
آهٍ يا غزة… كم مرة خذلك القريب،
وكم مرة تركوكِ وحدك في وجه الجوع والبرد والموت،
ومع ذلك بقيتِ واقفةً، كجذع زيتونة لا تكسره الرياح.
أمتك التي خذلتك لم تعرف بعد أنك صرخة الكرامة الأخيرة،
وأنك الجرح الذي لا يندمل مهما حاولوا أن يطووه بالنسيان.
سلام عليك، أيها الشهيد، وأب الشهيد، وصديق الشهداء،
سلام على دمك الذي صار راية، وعلى ذكراك التي صارت نبراساً،
سلام على غزة التي تحفظ دمك، وتحمل ذكراك في قلبها،
وسلام على فلسطين التي تعلّمنا كل يوم
أن الحق، مهما طال ليله، من رحم الدم والدموع يولد فجرٌ جديد.
[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.
أضف تعليق
قواعد المشاركة