عن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا

منذ 10 سنوات   شارك:

معتصم حمادة

سياسي فلسطيني

لا يبدو أن المستقبل المرئي يحمل للوجود الفلسطيني في سوريا حلاً لأزمته. ولا يستبعد كثيرون أن تتحول هذه الأزمة، الخاصة بمخيمات اللاجئين، جزءاً لا يتجزأ من الأزمة السورية نفسها، لا يمكن الوصول إلى حل لها إلا عبر البوابة السورية.

إن أزمة الوجود الفلسطيني في سوريا، تجاوزت في تداعياتها، مسألة التهجير الذي تعرض له الفلسطينيون من عدد من المخيمات في شمال البلاد (كحندارات) وجنوبها (كدرعا) وفي قلب العاصمة دمشق (كاليرموك وسبينه وغيرهما)، بل تعدت ذلك نحو المس بالنسيج الاجتماعي لهذا الوجود، وإعادة صوغه وفقاً لآليات ترسم نفسها بنفسها تحت تأثير حالة التشرد الذي بات يعيشه أكثر من 300 ألف لاجئ فلسطيني، اضطروا لمغادرة منازلهم، ومصادر رزقهم، والبحث عن ملاذ بديل.

ولم تقتصر الهجرة الفلسطينية من سوريا الى لبنان، بل بدأت تشق طريقها نحو البلاد الاسكندنافية، وألمانيا، بحثاً عن مأوى بديل، بعدما كانت سوريا هي المأوى الأفضل للاجئ الفلسطيني، بفضل ما كان يتمتع به من امتيازات ويتلقاه من خدمات، مقارنة بالحالة الفلسطينية في لبنان.

ويبدو أن موجة الهجرة الأولى إلى أوروبا، التي شقت طريقها عبر مواكب الموت، عام 2013، بدأت تستقر في أماكنها الجديدة، وتوفر عنصر استقطاب لموجات جديدة، مستفيدة من قوانين جمع الشمل التي تسمح لعائلات بأكملها أن ترحل عن سوريا، ولعل أكثر فئات حماسة للهجرة هي فئات النخبة من رجال أعمال وأطباء، ومهندسين، ومحامين، وكتاب، وصحفيين وغيرهم، ما يضعف النسيج الاجتماعي الفلسطيني في سوريا ويشوهه، ويعكس نفسه سلباً على حيويته السياسية والمجتمعية داخل المجتمع السوري، وفي العلاقة مع القضية الفلسطينية.

يعزز مثل هذا الواقع، فشل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في تحمل مسؤولياتها نحو الوجود الفلسطيني في سوريا، وفشل القيادات المحلية الفلسطينية في توفير حل لقضايا المخيمات، بمعزل عن قضايا المحيط، فاقتصر دورها على معالجة بعض القضايا الجزئية واليومية ذات الأثر المحدود.

وحدها وكالة الغوث، كما يبدو، وفرت القسم الأكبر من الإغاثة للاجئين الفلسطينيين النازحين عن منازلهم في المخيمات المهجرة، ضمن سقف مالي لم ينجح هو الآخر، في تأمين الاستقرار البديل للاجئين.

يمكن، كخلاصة، القول، إن الوجود الفلسطيني في سوريا، يعيش حالة تحول سياسي واجتماعي واقتصادي، ستكون لها آثارها الواضحة على الجسم الفلسطيني الذي يتعرض لتشوهات بنيوية غير بسيطة، لا يمكن سبر غورها ومعرفة مدى عمقها إلا في نهاية مرحلة نستطيع القول فيها إن حركة الهجرة إلى الخارج قد بدأت تخف وإن بعض عناصر الاستقرار قد بدأت تلوح في الأفق. ولعل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا سوف ينتظرون سنوات غير قليلة حتى يدخلوا في هذه المرحلة.

المصدر: النهار

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

عبد القادر الحسيني: بطلُ القسطل ورمزُ الفداءِ في تاريخِ فلسطين

في زمنٍ تكسّرت فيه السيوف، وارتفعت فيه رايات الظلم، وُجد رجالٌ لا تُكسر إرادتهم، ولا تنحني جباههم، رجالٌ صاغوا المجد بدمائهم، وحفر… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير