غزة... وحيدة في ليل الخذلان!

منذ شهرين   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في أقصى القلب العربي، في البقعة التي لم تعرف يوماً غير الحصار، تقف غزة وحدها، نازفة، محروقة، تُطعن من كل الجهات، ثم تُسأل: لماذا لا تموتين؟!

 

غزة لا تحارب الاحتلال فقط، بل تخوض صراعاً مريراً مع الكرة الأرضية كلها.

منظمات، أنظمة، جيوش، قنوات إعلام، وملوك نفط... يتسابقون على قتلها ببطء:

من حاصرها؟ من قطع عنها الماء والكهرباء؟ من أغلق الحدود في وجه جرحاها؟ من دعم عدوها بالسلاح والمال والصمت؟

 

غزة ليست مجرد مكان، بل قصة صمود تُكتب بدماء الأبطال في وجه الظلم.

 

كانت غزة تنتظر من إخوتها العرب كلمة، دعاء، موقفاً.

لكنهم — أو أكثرهم — إما صمتوا جبناً، أو صرخوا نفاقاً، أو انحنوا خوفاً.

منهم من باعها على موائد التطبيع، ومنهم من تواطأ عليها سراً، ومنهم من اكتفى بالبكاء في المؤتمرات.

 

كم مرة استغاثت غزة بالعرب فلم يأتِ أحد؟

كم مرة صرخ أطفالها تحت الركام، بينما كانت بعض العواصم تشعل السماء بالألعاب النارية؟

 

ما أقسى أن يُخذلك من يشترك معك في الدعاء، في القبلة، في اليقين.

غزة سقطت من حسابات كثير من المسلمين، أو أُدرجت في خانة "المحرج سياسياً".

ملايين من المسلمين، ولكن لا جيش يتحرك، لا زحف يخرج، لا غضب يهزّ الأرض.

 

حقوق الإنسان؟ الديمقراطية؟ المواثيق الدولية؟

كلها تُعلّق حين يكون القتيل من غزة، والقاتل مدعوماً غربياً.

الدم الغزي لا يُبكيهم، والمجازر لا تُغضبهم، بل يبررونها، يموّلونها، ويغطّونها سياسياً.

 

غزة... ليست مجرد مدينة. إنها شاهد على خيانة العالم، على موت الضمير، على انهيار المبادئ.

غزة اليوم تُقصف، تُحاصر، وتُترك وحدها في مواجهة آلات حرب لا ترحم...

ومع ذلك، لا تستسلم. لا تركع. لا توقّع على وثيقة الهزيمة.

 

غزة هي البطولة التي عرّت الجميع.

هي الوجع الذي كشف الأقنعة.

هي الحقيقة التي لا تُدفن تحت الركام.

 

تبقى غزة وحيدة، تنهض كل صباح على رائحة الموت، وتنام على صدى الغارات، منهكة من القتال، من الصبر، من الانتظار.

لم يعد في العالم مكان لعدالةٍ تنقذها، ولا في القلب متّسعٌ لخيانةٍ جديدة.

 

غزة لا تسأل النصر... تسأل فقط: لماذا تُركتُ وحدي؟

وتظلّ الإجابة صامتة، تماماً كصمت من كان يجب أن يكون معها.

 

غزة اليوم لا تُقاوم العدو فقط، بل تقاوم النسيان... وتقف على أنقاضها لتقول للعالم:

"أنا هنا، رغم خذلانكم... ما زلت أتنفّس."

 

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.


مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ شعبهِ!

القمع لا يقتل الأفكار، بل يورثها مزيداً من الاشتعال. وكل كلمة مكتومة تتحول جمراً تحت الرماد، تنتظر ريحاً صغيرة لتتحول ناراً تعصف ب… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير