غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!

منذ أسبوع   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في غزّة، الليل فيها ليس للراحة، بل موعد مع قصف جديد، وخوف جديد، ووداع أخير.

تئن الأرصفة تحت خطوات من يبحثون عن مكان أكثر أماناً، بينما لا مكان في غزّة محصَّن من الموت.

 

تتساقط القنابل على البيوت، والمدارس، والمستشفيات، وكأنها تعرف أنها تستهدف بيوت الفقراء والأحلام الصغيرة.

في شوارع غزّة، لا يُقتل الناس فقط، بل يُقتل الصوت، وتُغتال الصورة، وتُمحى الرواية، ويُقتل الأمل.

 

في الخلفية، تقف أمريكا بثوبها اللامع، تتحدث عن الحرية والعدالة، لكنها ترتدي معطف غطرسةٍ عتيق، وتُشرف على المجزرة بعين باردة.

تصدر البيانات، لكنها لا توقف الصواريخ.

تمدّ يدها للديمقراطية، لكنها تُغمض عينيها عن الدماء الفلسطينية.

تُطلق النار على أطفالنا دون سبب، وتمنح القاتل صكوك الغفران.

 

فهل الدستور في "سيّدة العالم"، كما قال نزار قبّاني، مكتوبٌ بالعبري؟

هل كُتب ليُذلّ العرب ويمنح القاتل حصانةً أبدية؟

 

في غزّة، لا تُنتهك فقط حقوق الإنسان،

بل يُغتال معنى الإنسان ذاته.

 

وفي حين تنشغل شاشات العالم بتفاصيل الانتخابات، وأسعار الوقود، وتقلبات الطقس،

تمضي غزّة في درب معاناتها وحدها.

تخيط من الأنقاض علماً جديداً، وتُعيد فتح مدرسة تحت خيمة، وتصنع الحياة من أشلاء الموت.

 

غزّة، هي المرآة التي لا يريد العالم أن ينظر إليها.

هي الامتحان الذي يفشل فيه كل من يدّعي الإنسانية.

هي الحقيقة التي يحاولون طمسها، لكنها تعود في كل مرة، أقوى... وأصدق.

 

أيها القارئ، حين تسمع عن غزّة، لا تُطفئ الشاشة،

لا تكتفِ بالدعاء، ولا تُصدّق كل ما يُقال.

في غزّة، هناك شعب… لا يريد سوى أن يعيش.

لا تطلب غزّة شيئاً مستحيلاً،

فقط… أن يُعامل أطفالها كأطفال.

 

لكن ما أقسى هذا العالم، حين تصبح الطفولة هدفاً عسكرياً،

وحتى لعب الأطفال في غزّة، باتت أهدافاً مشروعة للصواريخ.

ويُقاس الإنسان بعدد صواريخه، لا بعدد أحلامه،

ويُترك الجائع ليأكل من فتات المساعدات المغشوشة.

فالذي يمكنه أن يضع مواد مخدّرة في طحين المساعدات، لا يُستبعد أن يُضيف مواد مسرطنة، أو مواد تؤثّر على الخصوبة، أو مواد خطيرة على صحة الإنسان.

في غزّة، حتى الخبز مشكوك في جودته، وحتى الغذاء محفوف بالخطر.

 

وتُترك غزّة وحدها في العراء،

تُصارع عالماً أخرس، وتدفن أبناءها ولا تجد وقتاً للبكاء.

 

تمضي المجازر،

ولا يتغيّر المشهد…

سوى عدد القبور.

 

وفي زاوية المخيم،

تبقى أمٌّ تمسك صورة طفلها، وتسأل السماء:

لماذا لم يُولد في عالمٍ رحيم؟

 

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.


مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة تدقّ جدران الخزان... ولا يسمعها إلا غسان كنفاني!

في نهاية روايته "رجال في الشمس"، أطلق غسان كنفاني صرخته المدوّية: "لماذا لم تدقّوا جدران الخزان؟" كانت أكثر من مجرد سؤال؛ كا… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير