أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!

منذ 3 أسابيع   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

سلامٌ على غزَّة، سلامٌ على تُرابها المُثخنِ بالجراحِ، سلامٌ على أَطفالها الذين رسمُوا الحُزنَ بدموعهم، على عُيُونهم التي باتت مرآةً لعالمٍ مُنافِقٍ أَدارَ ظهرهُ للحقِّ والإِنسانيَّة.

 

غزَّة ليست مُجرَّد مدينةٍ، إِنَّها قصَّةُ وجعٍ مُمتدَّةٍ عبر التَّاريخ، تُروى تفاصيلُها من خلال آهاتِ الأَطفالِ، صرخاتهم تحت الأَنقاض، وحكاياتهم التي لا تجدُ من يسمعُها في عالمٍ أَصَمَّ وأَبكمَ، أَغمضَ عينيهِ عن الجريمةِ الكُبرى.

أَطفالُ غزَّة، أُولئك الزُّهورُ التي ذبُلت قبل أَن تُزهرَ، قضوا أَعمارهُمُ القصيرة وهُم يحلُمُون بسماءٍ بلا طائراتٍ، وحياةٍ بلا خوفٍ.

 

كيف ينامُ العالمُ؟ كيف تتسامحُ ضمائرهُم مع صُورِ الأَطفالِ الذين باتُوا بلا أَبٍ أَو أُمٍّ؟ أَطفالٌ تُسرقُ منهُم ضحكاتُهُم، دفاترُهُم، وحتَّى أَلعابُهُم، لتتحوَّلَ حياتُهُم إِلى ليلٍ لا ينتهي.

هذا العالمُ، الذي يرفعُ شعاراتِ حُقوقِ الإِنسانِ، اختار أَن يُغضيَ الطَّرفَ، أَن يُحابِيَ القاتل ويخذُل المظلُوم.

 

في غزَّة، تتراقصُ مشاهدُ الدَّمارِ على أَنغام البُكاء. أَحياءٌ سُوِّيت بالأَرض، وأَجسادٌ صغيرةٌ زُفَّت إِلى السَّماءِ. طفلٌ يحملُ أَخاهُ الشَّهيد، أُمٌّ تحتضنُ بقايا أَلعابٍ وسط الرُّكام، وأَبٌّ يجهشُ بالبُكاءِ على قبرٍ صغيرٍ.

هذه المشاهدُ ليست قصصاً خياليَّةً، إِنَّها واقعٌ يُعرضُ يوميّاً على شاشاتِ العالمِ، دُونَ أَن يهتزَّ لهُ ضميرٌ.

 

أَطفالُ غزَّة ليسُوا أَرقاماً في نشراتِ الأَخبارِ.

 

كُلُّ طفلٍ منهم هُو قصَّةٌ تُدمى لها القُلُوبُ. أَطفالٌ حُرِمُوا من التَّعليمِ، من اللَّعبِ، ومن الحقِّ في أَن يحلُمُوا بغدٍ أَفضل. كيف ينظُرُ العالمُ في أَعيُنِ هؤُلاء الأَطفالِ؟ كيف يُبرِّرُ صمتهُ أَمام دُموعِهِم؟

 

غزَّةُ، المدينةُ التي صمدت في وجهِ القهرِ، أَثبتت أَنَّ الأَلم ليس هزيمةً، بل قُوَّةٌ. صبرُها ليس ضعفاً، بل إِيمانٌ بِأَنَّ النَّصرَ قادمٌ لا محالة. غزَّة ليست وحدها، وإِن بدا العالمُ صامتاً، فإِنَّ أَصوات أَطفالها تصلُ إِلى السَّماءِ، إِلى اللهِ العادلِ، الذي لا يخذُلُ المظلُومين.

 

أَيُّها العالمُ، أَلم تكتفِ بمآسيهِم؟ كم من طفلٍ تحتاجُ أَن تراهُ شهيداً لتشعُر بالعارِ؟ كم من أُمٍّ ثكلى عليك أَن تسمع نحيبها لتُدرِك أَنَّ إِنسانيَّتك زائفةٌ؟

 

سلامٌ على أَطفالِ غزَّة الذين يصنعُون من الحُزنِ حِكاياتِ صُمُودٍ.

سلامٌ على أَرواحهِم الطَّاهرة التي تُحلِّقُ فوق مدينتهم الجريحة.

سيأتي يومٌ تُشرقُ فيه شمسُ الحُرِّيَّةِ، يومٌ تُغسلُ فيه الأَرضُ من دماءِ الظُّلم، وتعُودُ الضَّحكاتُ إِلى وُجُوه الأَطفال.

 

وحتى ذلك اليوم الموعود، ستبقى غزَّة عُنواناً للحُزن، وشهادةً على خيانة هذا العالم المُنافق.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ

في لحظاتِ الحياةِ الفاصلة، عندما يُخيَّر الإنسانُ بين الاستسلامِ والمقاومة، بين الذُّلِّ والكرامة، يسطع نورُ الشجاعةِ كقيمةٍ أبدية… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون