غزّة: صمودٌ في وجهِ ظلمٍ عالميٍّ وخذلانٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ.

منذ أسبوع   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في بقعةٍ صغيرةٍ على خارطةِ العالم، حيث تتجسّدُ أعظمُ المآسي وأقسى أشكالِ الظلم، تقفُ غزة شامخةً رغمَ الجراح.

غزّة، المدينةُ التي اعتادَ أهلُها العيشَ تحتَ الحصارِ والقصفِ والدمارِ، أصبحت رمزاً للصمودِ الإنسانيِّ أمامَ وحشيةِ العالمِ وخذلانِ القريبِ قبلَ البعيدِ.

 

منذُ سنواتٍ طويلةٍ، وغزّةُ تعاني الأمرَّين؛ قصفٌ يفتكُ بالأرواحِ، وحصارٌ يخنقُ الأنفاسَ، بينما يقفُ العالمُ موقفَ المتفرّجِ، والشريكِ في الجريمةِ.

تُرتكبُ في غزّة مجازرُ مروّعةٌ أمامَ أعينِ الجميعِ، ولكنّ الأصواتَ المدافعةَ عن الإنسانيةِ غائبةٌ أو خافتةٌ.

بدلاً من اتخاذِ خطواتٍ حقيقيةٍ لإنقاذِ الأبرياءِ، يمدُّ كثيرونَ يدَ العونِ للمعتدي، بتزويدهِ بآلاتِ القتلِ والدمارِ والغذاء، وكأنّ أرواحَ الأبرياءِ لا قيمةَ لها في ميزانِ المصالحِ السياسيةِ والاقتصاديةِ.

 

 

في الوقتِ الذي كان يُنتظرُ فيه أن يقفَ العالَمانِ العربيُّ والإسلاميُّ بجانبِ غزّةَ، لم نشهد سوى صمتٍ مخزٍ وتخاذلٍ يندى له الجبينُ.

لم يكنِ التضامنُ بحجمِ الكارثةِ، وكأنَّ ما يجري في غزّةَ شأنٌ لا يعنيهم.

هذا الخذلانُ العلنيُّ يعكسُ حالةً من الانحدارِ الأخلاقيِّ والسياسيِّ، حيث غابت عن الساحةِ قيمُ الأخوةِ والتآزرِ، لتحلَّ محلّها المصالحُ الضيقةُ والحساباتُ السياسيةُ.

 

أثبتت غزّةُ للعالمِ أجمعَ أنَّ الإرادةَ الصلبةَ لا تُكسرُ.

شعبُها يقفُ كالجبلِ أمامَ كلِّ المحنِ، يصنعُ من جراحهِ قوةً ومن آلامهِ عزيمةً.

في كلِّ بيتٍ غزّاويٍّ قصةُ تحدٍّ جديدةٍ، وفي كلِّ شارعٍ حكايةُ صمودٍ تُروى للأجيالِ القادمةِ.

غزّةُ ليست مجردَ مكانٍ، إنها رمزٌ للثباتِ ورفضِ الخضوعِ أمامَ الطغيانِ، رسالةٌ بأنَّ الظلمَ مهما اشتدَّ، لا بدَّ أن يندحرَ أمامَ صلابةِ الحقِّ.

 

إنَّ ما يحدثُ في غزّةَ يكشفُ بوضوحٍ زيفَ الكثيرِ من الشعاراتِ، ويسلّطُ الضوءَ على الحقيقةِ المريرةِ لعالمٍ يدّعي الحضارةَ والإنسانيةَ، لكنه يعجزُ عن التحركِ لإنقاذِ أرواحٍ بريئةٍ.

وهو أيضاً دعوةٌ للعالمِ العربيِّ والإسلاميِّ لإعادةِ النظرِ في مواقفهِ، واستعادةِ دورهِ الأخلاقيِّ والتاريخيِّ في نصرةِ المظلومين.

 

غزّةُ ليست بحاجةً إلى كلماتِ التعاطفِ أو الشعاراتِ الرنانةِ؛ هي بحاجةٌ إلى أفعالٍ حقيقيةٍ، إلى مواقفٍ صادقةٍ تُعيدُ لأهلها الأملَ وتُخفّفُ عنهم الألمَ.

 

ستبقى غزّةُ عنواناً للكرامةِ، وستظلُّ وصمةَ عارٍ في جبينِ العالمِ المتخاذلِ، حتى تتحقّقَ العدالةُ، وينتصرَ الحقُّ على الباطلِ.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!

في أزقّةِ مخيّمِ شاتيلا، حيثُ تختلطُ رائحةُ الأرضِ المبتلّةِ بدموعِ المنفى، وحيثُ تروي الجدرانُ قصصاً عن اللجوءِ والمقاومةِ، سكنت … تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون