الأوديةُ والينابيعُ في أرضِ عشيرةِ عربِ السَّمنيّة

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

 تتعدّد مصادر المياه في قضاء عكا وتتنوع؛ فشمال فلسطين منطقة غنيَّة بالمياه، وهذه من الأسباب الرئيسة التي ساهمت في استقرار العشائر هنا؛ حيث للمياه، وكما هي في كل مكان، أهميّة خاصّة في حياة سكان هذه البقاع وغيرها.

الأودية:

1- وادي كَرْكَرَه: سُمِّيَ بذلك نسبة إلى "خربة كرْكَرَة"، وتكثر على ضفافه نباتات الغار والدّفلى والسنديان والعُلَّيق وأشجار البُطم والكِينا والمَلُّول، وينبع من أرض شُفايا بالقرب من تربيخا، ويمرّ في وادي أبو محمد، ويتابع مسيره غرباً مارّاً في خربة الصُّوانة أراضي عشيرة عرب السَّمنيّة حتّى شمال معصوب، حيث ينتهي مصبُّه في البحر الأبيض المتوسّط في فصل الشِّتاء، جنوب «مينة المشيرفة» على بعد كيلومترين من رأس النَّاقورة، ويُسمَّى عند مصبه في البحر وادي البير، وإلى الجنوب منه وادي القرن الذي يشكِّل حدّاً فاصلاً بين أراضي البَّصَّة وأراضي قريتي ترشيحاَ ومعليا، وفيما عدا الشِّتاء فإنَّه يغور في السُّهول.

2- وادي القرن: هو أحد أكبر وأطول الأودية في فلسطين في منطقة الجليل الأعلى الغربيّ. ينبع من وادي الحبيس (سمّي بهذا الاسم لأنّه يصبح عميقاً وضيقاً وكثير التَّعرُّجات في هذه المنطقة) قرب بيت جنّ شرق بلدة سُحماتا، ويُعرف في مجاريه العُليا بالمَرْج.

ومن التقاء واديي بيت جنّ والبقيعة عند خربة «قرحتا» يحمل اسم وادي القرن. ثم يتِّجه غرباً ويمرُّ بين بلدتي ترشيحا وفسوطة، ويتابع مسيره غرباً مارّاً في سهل المناوات وسويجيرة التي كانت مسرحاً لمجزرة عرب السَّمنيّة في 30 تشرين أوّل (أكتوبر) 1948م. ويصبُّ في البحر الأبيض المتوسّط شمال بلدة الزِّيب على بعد 5 كيلومترات من الحدود اللبنانية. ويُقدَّرُ طوله بحوالى 43 كيلومتراً، وهو وادٍ دائم الجَرَيان.

ويُعَدُّ وادي القرن الحَدَّ الجنوبيَّ لجبل عامل. أمّا حدُّهُ الشَّرقيُّ فيقع عند «بحيرة الحولة» وأطرافها. وتكثر على ضفافه نباتات الدّفلى وأشجار الخَرُّوب والسِّنديان، والكِينا.

يُطلُّ على وادي القرن قلعة القرين «المانفورت»؛ وهي قلعة بناها الصليبيون على ضفاف الوادي لتشكِّل بُرجًا لمراقبة المنطقة، اشترته كتيبة «التيتون» من كتيبة فرسان الهيكل الألمانية. هاجم الظّاهر بِيبَرس القلعة صيف عام 1267 لكنّه لم يتمكّن منها، وعاد إليها 1271 وافتكّها بعد حصار دام أسبوعاً، هُدِمَتْ أجزاء كثيرة منها وما تزال على حالها إلى يومنا هذا. نجد في داخلها: آثار كنيسة، مساكن الفرسان، البرج، قاعة المناسبات، معصرة عنب، آبار ماء.

كذلك توجد ثلاثة ينابيع للمياه في أرض عرب السّمنيّة الواقعة بين وادي كَرْكَرَه ووادي القرن، وهي:

1.  نبع أم طمرون: التي تقع بين ترشيحا وعرب السّمنيّة قرب وادي القرن.

2. نبع القلعة: تقع بين ترشيحا وعرب السّمنيّة قرب وادي القرن.

3. نبع الهردويل: يقع غرب عرب السّمنيّة في أرض المناوات التابعة لبلدة الكابري؛ حيث يوجد في الكابري عيون ماء تقع في الشّمال الشّرقيّ من عكا، وتصبّ في وادي المفشوخ.

 الأودية والينابيع في فلسطين محتلة منتهكة تماماً كما الأرض والبشر والشّجر، ولكنَّ مياه فلسطين ستجري يوماً بِحُريّة، وستعود لتروي أهلها من جمالها وعذوبة مياهها المباركة.

مقتطف من كتاب: عشائر قضاء عكا: اقتلاعهم من أراضيهم بدأ خلال الاحتلال البريطاني، محمود عبد الله كلَّم، دار بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، شباط 2016.

مقالات متعلّقة