حتى يكون إبداعنا مؤثراً

منذ 6 سنوات   شارك:

ياسر علي

إعلامي وشاعر فلسطيني

كان طالباً متفوقاً في امتحانات التوجيهي، حصل على معدل يؤهّله للدخول في كلية الطب، فرح أهله بتفوقه وكانوا واثقين بقراره.. ولكنه "كان أذكى من أن يضيّع تفوقه وقدراته" في علم ينعزل معه عن المجتمع عشر سنين لكي ينال شهادة تخصصية في داخل جسم الإنسان.

فكر أنه يريد أن يتخصص بعلم يؤثر بالعقل وليس بالجسم، وكانت المفاجأة لمحيطه، حين قرّر أن يدرس التاريخ، وتحديداً تاريخ قضية فلسطين، فكما قال: فلسطين تنتظر منا الكثير.

علّق الكثيرون عليه: تريد أن تصبح أستاذ تاريخ في المدارس، بدل ان يُشار إليك بالبنان: جاء الحكيم وراح الحكيم!!

وبالفعل، قام هذا الرجل بعمل مهم في خدمة القضية الفلسطينية، وتعميق دراساتها وتوضيح التباساتها وتأكيد ثوابتها والرد على خصومها وبناء التحالفات على مستوى دولي، والمشاركة في مراكز التفكير العالمية..

أوردتُ هذه القصة الواقعية، لأشير إلى أمرين:

الأول، أن النتيجة الإبداعية لدراسة الطالب في مادة تعنيه أو على الأقل يحبها حتى لو لم يقدّرها المجتمع، تكون نسبتها أعلى، من النتيجة الإبداعية في مادة لا يحبها رغم أهميتها وتقديرها من المجتمع.

الثاني، وهو موضوع هذا المقال..

أن الدراسة في المواد التي تٌعنى بالمجتمع والفكر والرأي العام وتوجيهه وتعميق رؤاه، كعلم الاجتماع والعلوم السياسية والمحاماة والإعلام وحتى التاريخ والجغرافيا وغير ذلك، أهم بكثير على المستوى العام من الدراسة بالمواد العلمية، على مستوى تطوير المجتمع وقيادته.

في المؤسسات الدولية التي تدرك أهمية هذا الأمر، يقدمون المنح الدراسية في المواد الاجتماعية والقانونية في الغالب. وقد قرأت هذا في إحدى الصحف، حين أعلنت إحدى المؤسسات الأرمنية في لبنان عن توفير منح دراسية في إحدى المواد الثلاثة: الاجتماع والإعلام والقانون.

وهذا ما يفعله اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ولكن ليس فقط على شكل منح دراسية في هذه المواد، بل لضمان تقدم أعضاء منظماتهم وارتقائهم في المناصب التي يسعون إليها، سواء الحكومية أو الخاصة، وهو ما يُسمى عندهم "حزمة اللبلاب"، أي أنهم يتكاتفون معاً ليرفع بعضهم بعضاً ويسيطروا على المواقع القيادية في المؤسسات.

إذن، متى يكون إبداعنا مؤثراً بشكل عام، وإبداع الفلسطينيين بشكل خاص.

- عندما يتعلق الإبداع (بنسبة أكبر) بالمجتمع والتفكير والسياسية والقانون والمحاماة والفلسفة.

- عندما نبتعد عن المسميات العلمية (د. مثلاً) لمصلحة الفائدة المجتمعية الحضارية.

- عندما يتم تصنيف المواد الأدبية والاجتماعية والقانونية بمنزلة المواد العلمية.

- عندما يتجه المتفوقون إلى هذه المجالات، بطموح الواثقين بأهميتها، والواثقين باهتمام الدولة بها.

- عندما تدعم المؤسسات التعليمية المانحة هذه المجالات.

وهذا النقطة الأخيرة، وجدتها غائبة فعلاً. فالمؤسسات المانحة تعتبر أن هذه المواد مجانية أو شبه مجانية في الجامعات الحكومية، ولا تسعى أن تنشئ جيلاً من المتخصصين في هذه المادة في الجامعات المتقدمة.

الحل يكمن في إنشاء منظومة اجتماعية وحكومية تدرك أهمية هذه المواد، وأساسيتها في بناء المجتمع، وضرورة دعمها وتطويرها من أجل مستقبل أفضل.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!

هناك لحظات في التاريخ تُصعق فيها الكلمات، فلا يجد المرء ما يعبر عن الصدمة إلا الصمت. هكذا شعرت وأنا أقرأ تصريحات في جريدة اليمين ا… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير