عن شابة فلسطينية ترمم انكسارات الروح بذهب الإبداع

منذ 8 سنوات   شارك:

ماجد عبد الهادي

صحفي فلسطيني

منذ عرفت الفيسبوك لم استخدمه لنشر أخبار شخصية أو عائلية إلا في ما ندر، وغالبا حين يكون للأمر علاقة ما باهتمام أناس آخرين كثر ممن يقرأونني ويتابعون صفحتي.

اليوم أيضا سأخرج قليلاً عن تلك القاعدة التي وطنت نفسي عليها، لأني، بكل بساطة، أمُرُّ في لحظة سعادة غامرة، وأكبر من أن يتسع لها قلبي الصغير، بعدما قدمت لي ابنتي مجدولين (جينا) انتصاراً باهراً في مسار حياة طالما كانت حافلة بالكثير من الانكسارات.

لست أحاول طبعا وضع موقف إنساني خاص في إطار عام، بقدر ما أود أن أطلق لقلمي العنان كي يزغرد بالكلمات، فرحاً بإنجاز حققته كبرى بناتي، ولم يكن أيضاً في جوهره مقطوع الصلة عن همومنا جميعاً كعرب، أو حتى كبشر.

فهي، أي مجدولين تخرجت اليوم، ولله الحمد، من جامعة فرجينيا كومنولث الأميركية في قطر، وحصلت على بكالوريوس الهندسة المعمارية الداخلية، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وبمعدل اكاديمي يزيد قليلا عن 98% (4.00/3.93) كما حصلت في الوقت نفسه على الجائزة السنوية القيّمة التي يقدمها المكتب العربي للهندسة (إحدى كبريات الشركات الهندسية في الخليج العربي) عن مشروع تخرجها الذي يتلخص في تصميم ملجأ للأطفال الأيتام من مشردي الحرب في سورية، بحيث يراعي احتياجاتهم الإنسانية الخاصة، أو يكون في وسعه مداواة جروح أرواحهم.

وهنا يكمن في الواقع، مبعث آخر لاعتزازي، ذلك أن مشروع التخرج يقوم على فكرة فلسفية تقول أن قدماء اليابانيين كانوا يعيدون إصلاح الأواني المكسورة باستخدام الذهب كمادة لاصقة، ما يحعلها تعود أقوى وأجمل مما كانت عليه في الأصل، وهي فكرة لم أكن قد سمعت بها قبل أن أعرفها من مجدولين، ثم أراها ماثلة أمامي في التصميم الهندسي، بطريقة مدهشة وفائقة العمق، وتحيل مختلف أركان المبنى إلى معالم تربوية يمكنها أن تساعد عملياً على رأب الصدوع في حياة الأطفال الضحايا، وتزرع لديهم الأمل بإمكانية ترميم انكسارات أرواحهم، ليعودوا اجمل وأقوى مما كانوا عليه قبل قتل أهلهم وتشريدهم عن ديارهم.

وبالعودة إلى المعنى الشخصي البحت. أقول أخيرا ان إنجاز مجدولين الذي مازال مجرد رسوم ونماذج فنية تنتظر من يحولها إلى واقع، قد دفعني إلى الإحساس بأنها أعادت بذهب إبداعها توصيل أجزاء مني كانت تكسرت على صخور الدهر، وبأن تفوقها الأكاديمي وانشغالها الإنساني معاً يجعلانني أشعر بأني صرت الآن اجمل وأقوى. 

 

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!

في الأزمنة البعيدة، كان الشرق الاوسط  قلب العالم، ونافذة السماء إلى البشر، ومسرح الوحي الذي غيَّر وجه التاريخ. على هذه الأرض مشت… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير